وفي سنة ١٠٤٥ وردت الأوامر السلطانية المشددة بإبطال التدخين بنوعي التتن والتنباك ونودي على من يشربهما بجزاء القتل.
[استطراد في الكلام على هذه الحشيشة:]
قيل إن وصول هذه الحشيشة الخبيثة إلى البلاد الشامية كان في حدود سنة ١٠٠٠ ويستدل القائل على ذلك ببيتين هما:
قال خلّي عن الدّخان أفدني ... هل له في كتابكم إيماء
قلت: ما فرط الكتاب بشيء ... ثم أرخت يوم تأتي السماء
جملة «يوم تأتي السماء» تبلغ بالجمّل (١٠٠٠) أو (٩٩٩) إذا لم تحسب الهمزة.
أما منشأ هذا النبات فهو جزيرة اسمها (تبغو) في أميركا أحضر بزره منها إلى بلاد البورتكيز بعض نوتية الإسبان، ثم نقل منها إلى فرنسا بواسطة رجل اسمه (ثيفت) فزرع في فرنسة إلا أن الناس لم يلتفتوا إليه لأن النساء تكره ريحته. وبعد عشرة أعوام قدم إلى فرنسة إلا أن الناس لم يلتفتوا إليه لأن النساء تكره ريحته. وبعد عشرة أعوام قدم إلى فرنسة سفير البورتكيز- واسمه يوحنا ثيكوت- وأهدى الملكة كاترينا شيئا من بزر هذا النبات، وزعم أن التدخين به له فوائد عجيبة. فأقبل الناس في فرنسة على استعماله وذلك في سنة ١٥٦٠ من الموافقة سنة ٩٦٨ هـ وسماه الناس حشيشة الملكة، أو حشيشة السفير، أو حشيشة الرئيس الأعظم، أو حشيشة الصليب، أو الحشيشة المقدسة. فلم ترق هذه الأسماء للرجل (ثيفت) واحتج على دار الفنون بتسميته باسم السفير دون اسمه مع كونه هو أول من أحضره إلى فرنسة. وحينئذ ألغى الفرنسويون اسمه ثيكوت وسموه تبغا باسم الجزيرة التي هي منشؤه. ثم حرف هذا الاسم إلى تباكو عند التليان وتبا عند الفرنسيس، وتوبوكو عند الإنكليز، والتبغ عند العرب، وتنباكو عند الفرس، وتوتون عند الأتراك، وتتن أو دخان عند عامة العرب. اه.
وفي سنة ١٠٤٥ عزل عن حلب أحمد باشا ووليها يوسف باشا ابن أمير كونه، فأساء السيرة في أهل حلب واستنفر قلوبهم يصبروا له واضطربوا منه لأنه صادر كثيرين منهم، فسمعت الدولة بذلك وعزلته وأعادت أحمد باشا المتقدم ذكره. وكانت ولاية يوسف