وفيها أطاع أهل أنطاكية أحد مقدّمي الطرسوسيّين وخالفوا سيف الدولة. واسم المقدّم رشيق. فساروا إلى حلب وقاتلهم قرعويه غلام سيف الدولة وحاجبه وعامله بحلب، وكان سيف الدولة بميّافارقين فأرسل سيف الدولة عسكرا مع خادمه بشارة وقاتلا رشيقا، فقتل رشيق وهرب أصحابه إلى أنطاكية. ولما عاد سيف الدولة إلى حلب اجتمع على حربه ابن الأهوازي، رجل كان يضمن الأرحاء «٢» بأنطاكية، وهو الذي كان أمدّ رشيقا بماله وزين له العصيان على سيف الدولة. وكان مع ابن الأهوازي في هذه الوقعة دزبر الديلمى خليفة رشيق، فقتل ابن الأهوازي ودزبر، وقتل من ولاتهما خلق كثير.
وفيها خرج مروان عامل سيف الدولة على السواحل وهو رجل من القرامطة كان استأمن إلى سيف الدولة فأمّنه واستعمله على السواحل، فلما تمكن قصد حمص وملكها وملك غيرها فسار إليه بدر، غلام قرعويه، وواقعه عدة وقعات. واتفق أن بدرا رمى مروان بنشّابة مسمومة وأن بدرا أسره أصحاب مروان، فخلص مروان من النشابة وقتل بدر. وبعد أيام مات مروان.
[سنة ٣٥٥ الفداء بين سيف الدولة وبين الروم:]
فيها تم الفداء بين الروم وبين سيف الدولة، فسار سيف الدولة بالبطارقة الذين هم في أسره إلى الفداء ففدى بهم أبا فراس وغلامه روطاس وجماعة من أكابر الحلبيين. ولما لم يبق معه من الأسرى أحد اشترى الباقين، كل نفس باثنين وسبعين دينارا، حتى نفذ «٣» ما معه من المال فاشترى الباقين ورهن عليهم بدنته الجوهر، المعدومة النظير. ثم لما لم يبق أحد من أسرى المسلمين كاتب نقفور الملك الرومي على الصلح. وهذه من محاسن سيف الدولة.