كثيرا من الضعفاء. وقد بيع مكّوك القمح «١» بثلاثمائة درهم، ورطل الخبز بدرهمين.
فانكشف الستر وانهتك الحجاب وأقدم الناس على أكل الميتة والقطط والكلاب، وغلت جميع الأقوات والمطعومات، ووصلت إلى سعر لم يسمع بمثله. ولم يبرح الحال على ما ذكر حتى فرّج الله عن المخلوقات في أواخر السنة. وفي سنة ٧٨٠ ولي حلب سيف الدين منكلي بغا الأحمدي البلدي، وعزل بعد خمسة أشهر وولي مكانه سيف الدين أشقتمر رابعة. وفي سنة ٧٨١ ولي حلب سيف الدين تمرباي التمرداشي وعزل في أواخرها.
[قصد تمرباي سيس لردع التركمان:]
وفيها توجه تمرباي المذكور صحبة العساكر الحلبية إلى جهة بلاد سيس لردع طائفة من التركمان عاثوا في تلك البلاد وأظهروا فيها الفساد. فلما وصل تمرباي إلى قرب مدينة إياس سمع به التركمان ففزعوا منه وهابوه وراسلوه بالأمان، وعاهدوه بالتوبة عن جميع أفعالهم الشنيعة وأرسلوا إليه جملة من أعيانهم وأمرائهم لعقد العهد، فلم يقبل منهم بل أمر باعتقالهم وركب إلى بيوتهم فسبى نساءهم وأخذ أموالهم وأخرب ديارهم. وعند ذلك تأثر التركمان واستوحشوا، وأعملوا الحيلة والخديعة وكمنوا للعسكر بمضيق هناك يقال له باب الملك على شاطىء البحر، وأوقعوا بهم وكسروهم كسرة شنيعة أتت على أكثرهم وأخذوا جميع ما معهم بعد أن فرقوهم شذر مذر. وكان ما أخذه التركمان من الحلبيين في هذه الوقعة ثلاثين ألف جمل بأحمالها، وثلاثة عشر ألفا من الخيل المسرجة وغير ذلك.
قلت: ولاية سيف الدين تمرباي المذكور على حلب ووقوع غزوته المذكورة أخذتهما من درّة الأسلاك في دولة الأتراك لابن حبيب الحلبي، ذكرهما في حوادث سنة ٧٨١ وذكرهما ابن الخطيب في حوادث ٧٨٠ فليحرّر.
وفي أواخر سنة ٧٨١ ولي حلب سيف الدين منكلي بغا الأحمدي البلدي. وفي سنة ٧٨٢ توفي منكلي بغا المذكور ودفن بتربة له صغيرة خارج باب المقام. وبعد سنين قليلة نبش ونقل إلى دمشق. وفي سنة ٧٨٣ ولي حلب سيف الدين إينال اليوسفي.