هذه الملوك تعد من ملوك المغل. وإن إيل خان هذا هو الذي تحارب مع ملوك التاتار وانجلى الحرب بينهم عن قتله وتشتت شمل أمة المغل وأسر التاتار ولده قيان وولدا آخر لأخي إيل خان اسمه نكوز، فهربا من الأسر مع زوجتهما ولجأ إلى الجبال ودخلا إليها من شعب «١» ضيق لا يمكن أن يسلكه سوى إنسان واحد، وداخل هذا الشعب فضاء واسع فيه مياه غزيرة ومروج واسعة وأشجار ملتفة. فأقاما هناك وتناسلا وكثرت أعقابهما حتى ضاق بهم ذلك الفضاء. وقد مضى عليهم مدة أربعمائة سنة وكانوا يتناقلون عن أسلافهم أن وراء هذا الشّعب ممالك واسعة كانت وطنهم، فعمدوا إلى مكان من الجبل فيه معدن الحديد والنحاس فجمعوا فيه الأحطاب وأضرموا فيها النار حتى ذاب ما فيها من الحديد والنحاس وانفتح الممر (وهذا هو السدّ على رأي بعضهم) فخرجوا من هذا الممر كالجراد المنتشر إلى فضاء واسع وملكهم يومئذ (برته جينه) من أعظم ملوك الأتراك المغل قوة وبأسا فتحارب مع التاتار هو وأعقابه من بعده أدهارا طويلة إلى أن كانت الغلبة للمغل على التاتار.
ولما آلت سلطنة المغل إلى يولدز خان بن منكلي خان بن تميرتاش خان- من نسل قيان المأسور الهارب ابن إيل خان- كان له ولدان فماتا وخلّف أحدهما ولدا اسمه (ديون بيان) وترك الآخر بنتا اسمها «ألان قوا» فتزوج ديون بيان ابنة عمه ألان قوا وتسلطن على المغل بعد جده. ثم مات ديون بيان فخطب زوجته كثيرون من كبراء قومها فلم تجبهم.
فزعم مؤرخو المغل بأن ألان قوا بينما كانت ذات ليلة نائمة مع طائفة من النساء إذ ظهر لها نور ساطع في خلاله شخص أبيض اللون مشرب بصفرة فلامسها- وقيل بل رأت النور فقط قد دخل فمها أو جيبها- فحملت منه وولدت ثلاثة أولاد، أحدهم بوزنجر خان وهو الجد الأعلى لجنكز خان وجميع خواقين التاتار والمغل. ويقال لذرية هؤلاء الأولاد الثلاثة (نيرون) أي الأصيل. والقازاق يسمون ذرية جنكز خان (آق سوياك) أي العظم الأبيض. ومن نسل بوزنجر خان بيسوكا خان والد جنكز خان وهو أكبر أولاده.
وكانت ولادة جنكز خان في غرة محرّم سنة ٥٤٩ والطالع في الميزان والسبعة السيارة كلها مجتمعة في البروج المذكورة. ولما ولد كان كفّه مملوءا من الدم، فقال العراف:
سيكون سفّاكا للدماء، ويملك أكثر الربع المسكون. وسماه والده تموجين. ولما بلغ من