هو القرآن والحديث اللذان لا يمكن إدراك حقيقة مفاهيمها ولا يتسع البحث بهما لاستنباط الأحكام الشرعية منهما إلا بلغتهما التي ولدا فيها وسطّرا على مقتضى قواعدها وضوابطها.
والأمر الآخر كون اللغة التركية الأصلية المعبّر عنها باسم جغطاي أو باسم قفجق لغة ضيقة مضطربة القواعد، لا تصلح لأن تكون لغة علمية دينية وأدبية، أما بعد أن لطّفها العثمانيون وأدخلوا إليها ألوفا من الألفاظ العربية والفارسية، صارت حينئذ صالحة لأن يضع بها طائفة من العلماء العثمانيين مؤلفاتهم.
يقول أولئك المتشيعون: إن علماء الإسلام الذين هم من عرق تركي، وإن كانت مؤلفاتهم باللغة العربية أو الفارسية، إلّا أن لغتهم التي كانوا يتفاهمون بها بين أهليهم وعوامّهم كانت هي اللغة التركية المعروفة باسم جغطاي، حتى إن سكان تركستان- الذي من جملته بخارى- ما برح أهلها «١» حتى الآن يتفاهمون بين أهليهم وعوامّهم بلغة جغطاي، وما زال أهل العلوم الدينية- الذين يقصدون بخارى من الأقطار التركية- يتلقون علومهم باللغة العربية ويتكلمون فيما بينهم بلغتهم التركية جغطاي أو قفجق.
وعليه فإن العلامة الزمخشري مثلا هو من عرق تركي بلا شك، لأنه من زمخشر «٢» - إحدى قرى بخارى التي هي من أمهات تركستان- لكن أكثر مؤلفاته باللغة العربية. وله عدة مؤلفات باللغة الفارسية، وليس له شيء من المؤلفات باللغة التركية للسبب الذي ذكرناه. وهكذا يقال في العلماء الذين هم من عرق تركي ومؤلفاتهم باللغة العربية. وهاك أسماء بعض المشتهرين منهم على رأي المتشيعين المذكورين:
الرئيس- ولا أزيده مدحا على هذه اللفظة التي صارت علما عليه حيث أطلقت- وهو أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا. وتلميذ الرئيس بهمانيار. والإمام الحافظ الحجة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الذي قيل في كتابه «أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى» . والإمامان الحجّتان مسلم والترمذي صاحبا الصحيحين المنسوبين إليهما.
والإمام الحجّة العلامة محمود الزمخشري جار الله، صاحب الكشاف وغيره من المصنفات