وفي سنة ٧٣١ نهار الأربعاء تاسع صفر، وصل نهر الساجور إلى حلب فزيد به نهر قويق بساقية بناها الأمير أرغون الدوادار، وكان يوم وصوله يوما مشهودا خرج لتلقّيه ملك الأمراء وسائر الناس مشاة مكبرين مهللين، وكان قبله الأمير سودي شرع بإجرائه إلى حلب فقيل له: من جرّه يموت في عامه، فتركه. وقيل مثل ذلك لأرغون فلم يلتفت إلى هذا القول فمات بعد أربعين يوما وذلك في ربيع الأول، وخرجت جنازته مكشوفة عليها كساء خلق من غير ندب ولا نياحة «١» ولا قطع شعر، ولا لبس جلّ، ولا تحويل سرج، طبق ما أوصى به، ودفن بسوق الخيل قبليّ القلعة وعملت له تربة حسنة سقفها السماء «٢» . وقبره دارس. وكان متقنا لحفظ القرآن الكريم مثابرا عليه متشرعا في أحكامه كتب بخطه صحيح البخاري- بعد ما سمعه على الشيخ أبي العباس أحمد بن الشحنة الحجّار، وويزة بنت عمر أسعد النجا بمصر في سنة ٧١٥ بقراءة الشيخ أبي حيان- واقتنى الكتب النفيسة وكان فيه ديانة رحمه الله. وفي جمادى الأولى سنة ٧٣١ عاد الأمير علاء الدين ألطنبغا إلى نيابة حلب وفرح الناس به وأظهروا السرور.
وفي سنة ٧٣٣ في خامس [عشر]«٣» شعبان وصل حلب شادّا «٤» : الأمير بدر الدين لؤلؤ القندشي وعلى يده تذاكر وصادر المباشرين وغيرهم ومنهم النقيب بدر الدين محمد بن زهرة الحسيني، والقاضي جمال الدين بن ريان ناظر الجيش، وناصر الدين محمد بن قرناص عامل الجيش، وعمه المحبّي عامل المحلولات، وعدة ذوات من الحلبيين، واشتد به الخطب وانزعج الناس كلهم [حتى] البريئون، وقنت «٥» الناس في الصلاة يدعون عليه وقال ابن الوردي فيه:
قلبي لعمر الله معلول ... بما جرى للناس مع لولو
يا ربّ قد شرّد عنّا الكرى ... سيف على العالم مسلول