نزل بالأمان من السلطان وتوجه إلى الديار المصرية فقوبل بالإحسان.
وفي هذه السنة وهي سنة ٧٦٧ توجه الأمير سيف الدين منكلي بغا- وهو أتابك الجيوش بالديار المصرية- وصحبته العساكر الحلبية إلى مدينة إياس حين بلغهم أن الإفرنج قصدوها في مائة قطعة من المراكب وأقبلوا عليها، فلما وصلوا وجدوهم قد برزوا إلى الساحل ودخلوا المدينة وانهزم أهلها ونهبوا الأمتعة والأقوات، فتقدمت العساكر لقتالهم ومحوا أثر من هجم على المدينة. وتواتر قدوم العساكر الإسلامية من القلاع وهرب الإفرنج إلى جهة البحر فأدركوا وقتل منهم جماعة وأخذت خيلهم وسلاحهم وتألم كل الإفرنج بسبب ذلك. واستمرت العساكر في إياس إلى أن يئسوا من عود الإفرنج. ثم رجعوا سالمين غانمين.
وفي سنة ٧٦٨ ولي منكلي بغا نيابة حلب، وفيها تم بناء جامعه ونقش على بابه العبارة التي سبق ذكرها في الكلام عليه، عند ذكر محلة ساحة بزّة. وفي سنة ٧٦٩ طمى نهر قويق وقلع الغراس وأخرب بيوتا كثيرة على شطه وأهلك عدة مواش، ووصل إلى أماكن لم يصل إليها فيما مضى من الأزمان. وفي سنة ٧٦٩ ولي حلب علاء الدين طنبغا الطويل الناصري ومات مسموما في آخر هذه السنة، دسّ إليه السمّ السلطان لما بلغه أنه يحاول السلطنة.
وفي سنة ٧٧٠ ولي حلب سيف الدين أسن بغا بن أبي بكر، ونقل إلى مصر بعد ستة أشهر. ووليها مكانه سيف الدين قشتمر المنصوري فقتل في أواخر هذه السنة بوقعة جرت بينه وبين العرب الكلابيين وغيرهم، حيث كثر فسادهم في البر وأخافوا السابلة ونهبوا عدة قبائل واستاقوا مواشيهم، فقصدهم قشتمر المذكور واشتبك الحرب بينهم وانجلى عن قتله وقتل ولده وتشتت شمل العسكر، واستولت العرب على سوادهم وقتلوا منهم جمعا كثيرا ومن سلم عاد إلى حلب بأسوإ حال. وفي سنة ٧٧١ ولي حلب سيف الدين أشقتمر المارديني.
وفي سنة ٧٧٢ في جمادى الأولى ظهر في السماء نور ساطع في لون الشفق الأحمر وضحت به مفارق الطرق واستمر من أول الليل إلى قرب الثلث الأخير. وفي سنة ٧٧٣ ولي حلب عز الدين أيدمر الدوادار الناصري، وفيها رسم الملك الأشرف شعبان أن كل