الملوك والجبابرة، وهو من غلاة الشيعة وكان في ابتداء أمره يقطع السبيل هو ورفقاء له فظفر بهم حاكم هراة «١» السلطان غياث الدين، فضرب تيمور وأمر بصلبه، فشفع به ولده وأخذه ووكل به من داوى جراحه حتى برىء وقربه إليه وزوّجه شقيقته. ثم إن تيمور غاضبها في بعض الأيام فقتلها وخرج على السلطان واستصفى ممالك ما وراء النهر ثم صاهر المغل وقصد مخدومه الملك غياث الدين ليدخل في طاعته فظفر به وقتله في الحبس جوعا لأنه حلف له ألّا يريق له دما. ثم عاد إلى خراسان ووضع السيف في أهل سجستان فأفناهم عن بكرة أبيهم، وخرب المدينة واستخلص جميع ممالك العجم، واستولى على بغداد وقتل أهلها وبنى من رؤوسهم مآذن، ولم يترك كبيرا ولا صغيرا ولا ذكرا ولا أنثى إلا قتله. ثم خرب المدينة بعد أن نهبها ثم مشى منها إلى الجزيرة وديار بكر وإلى الفرات.
واستعد الظاهر برقوق لمدافعته ونزل تيمور بالرها وأخذها ونهبها. وبلغه أن طقتمش خان سلطان دشت قفجق في جهات القريم قد وصل في جموع المغل إلى الأبواب فأحجم تيمورلنك وتأخر إلى قلاع الأكراد وأطراف بلاد الروم وأناخ على قره باغ ما بين أذربيجان والأبواب، ثم قوي على طقتمش وأخذ بلاده وانضمت جموع التتر إليه. ثم مشى على الهند واستولى عليها، وبلغه خبر وفاة الملك الظاهر برقوق ووفاة أحمد حاكم سيواس، فاستناب في الهند وقصد بلاد الإسلام فأتى بغداد وفتحها ثانيا وقصد سيواس وفتحها عنوة وحلف لأهلها أنه لا يريق لهم دما، فغدر بهم وألقى منهم في الحفر نحو ثلاثة آلاف إنسان.
ثم نهب البلد وخربها ومشى إلى بهسنى فحاصر قلعتها مدة طويلة وفتحها صلحا مع ما هو عليه من العتوّ والعناد. ولذلك سببان أحدهما متانة القلعة وحصانتها وثانيهما أن نائب قلعة المسلمين التي كانت تعرف بقلعة الروم- وهو الناصري محمد بن موسى بن شهري- كان يخرج للغارات على معسكر تيمور عندما كان مقيما على حصار قلعة بهنسى. وكان الناصري المذكور ذا قوة وشجاعة ورأي وتدبير، فلم يسع تيمور إلا الانصراف عن قلعة بهسنى إلى قلعة المسلمين فكاتب نائبها الناصري المذكور بقوله: إني أتيت من أقصى بلاد سمرقند ولم يقف أحد أمامي وسائر ملوك الأرض حضروا إليّ، وأنت سلّطت على جموعي من يشوّش عليهم ويقتل من ظفر بهم، والآن قد مشينا عليك