من أين يبيعوا الأقوات عساكر سليم، وأباح لأهل مرعش أن ينهبوا أحمال أقوات العساكر العثمانية، فمات أكثرهم جوعا، فاستاء السلطان سليم من ذلك وكتب إلى الغوري يستأذنه بحرب علي دولات فكتب إليه بأنك إذا أمكنك أن تقتله فافعل. وكتب إلى علي دولات يحرّضه على السلطان سليم. وكان قصده من تحريض الطرفين أن يتخلص من أحد عدوّيه.
ففطن السلطان سليم لذلك وقصد حرب الغوري.
وقيل: إن السبب هو أن السلطان قانصوه أظهر أن مجيئه إلى حلب لم يقصد منه سوى إيقاع الصلح بين السلطان سليم وبين الشاه إسماعيل الصفوي. وقد كتب إلى الشاه مع رسول بعثه خفية كتابا يعده فيه بالنجدة على السلطان سليم. فوقع الكتاب بيد السلطان سليم وتجرد لمحاربة الغوري.
وقيل: إن مجيء السلطان سليم إلى هذه البلاد كان باستدعاء من أهلها تخلصا من الحكومة المصرية لما كانت تجريه على أهل هذه البلاد من العسف والظلم ومصادرة الأموال، حتى كثرت العوانية «١» لكثرة ما يصغى إليهم، وسلب كثير من الأغنياء أموالهم حتى عادوا فقراء. وكانت التركات تأخذها الحكومة وتبقي ورثة الميت فقراء. وقد أشار إلى هذه المظالم القرماني في تاريخه، والشيخ زنبل، ورضي الدين الحنبلي في كتابهما «٢» ، وغيرهم من المؤرخين.
وقال بعض المفكرين من الأتراك: إن سبب مجيء السلطان سليم إلى البلاد الشامية والقطر المصري عارض، وإن السلطان سليم لم يكن في حملته هذه قاصدا فتح سورية، بل كان الغرض منها أن يقصد بها حرب الشاه إسماعيل ويزيل دولته ويستولي على مملكته لغرضين: أحدهما تخليص الناس من كفره وظلمه، وثانيهما- وهو المقصد الأعظم- فتح الطريق إلى الشرق الأقصى واستيلاؤه على ما فيه من الدويلات الإسلامية المتبعثرة، وجعل العالم الإسلامي جميعه تحت راية واحدة لا تقوى على تمزيقها عواصف الأيام والليالي مهما كانت عظيمة. هذا هو الذي كان يقصده من هذه الحملة وبقية الحملات التي كان