ماء قناتها ونهرها. يؤيد ذلك فتكه بسكان المحلات التي تشرب من ماء القناة والنهر أشدّ من فتكه فيمن يشرب من ماء غيرهما.
وفي آذار هذه السنة انجس المطر عن بلاد حلب، حتى عدم نصف الموسم. وفي شوال هذه السنة أعني ١٣٠٨ المصادف شهر مايس، عادت الهيضة إلى حلب وأنطاكية والعمق، وضرب النطاق الصحي على حلب وبلادها. وفي رابع عشر مايس سنة ١٣٠٧ وقع في البيرة برد واحدته في حجم البيضة واستمر سقوطه نحو ربع ساعة، فكسر زجاجات البيوت وأضرّ بالزروع وحمل سيله فاقتلع بلاط محلّة وادي جنك، وهدم بضعة جسور، ونحو عشرة بيوت، وقتل أربعة أوادم وأهلك مقدارا عظيما من الدوابّ والأمتعة. وفي هذا اليوم وقع نحو هذا في الحمّام الغربي وقرية أربه لي، من قضاء بيلان، فأتلف جميع الزروع، وانقضّت صاعقة فقتلت دابتين وإنسانا. وكذا وقع في عدة قرى من قضاء عينتاب فأتلف زروعها وهدم بيوتها وأهلك كثيرا من دوابها.
وفي حزيران هذه السنة كان الجراد في ولاية حلب كثيرا أكل فيها مبلغا عظيما من زروعها، فاجتمع في هذا العام الوباء على الناس والبرد والجراد على الزرع، فارتفعت أسعار القوت وتعطلت التجارة. وفي ذي الحجة من هذه السنة بعث قائمقام قضاء أنطاكية إلى ولاية حلب عاديّات وجدت قرب الجبل بالموضع المعروف هناك باسم «بين الخراب» يبعد عن أنطاكية مسافة ربع ساعة، وهي تمثال من الصّفر يمثل متصارعين، وشمعدان عليه صورة رأسين مقطوعين متصلين ببعضهما من طرفيهما. وقد فحصها بعض العارفين بالعاديّات فزعم أنها مضى على وجودها في الدنيا ثلاثة آلاف سنة، وقد أرسلت إلى نظارة المعارف.