الزيتوني المقيم في مصر، تبرع على هذه الجمعية بأربعمائة ليرا، وأرسل إلى مكاتب الأرمن في الزيتون معلمين خصوصيين، وصار يحضر إلى الزيتون- من غير أهلها- جماعة تمكنت فكرة الاستقلال من رؤوسهم، منهم رجل أعطوه لقب (برنس) حرروا له محضرا عاما ليقدمه بنفسه إلى نابليون الثالث إيمبراطور فرانسة، قالوا فيه إنهم يسترحمون من حضرة الإمبراطور باسم سبعين ألف بطل أرمني أن يظاهرهم على الاستقلال. فاهتم الإمبراطور بهذا الطلب أولا ثم لما تأمل المحضر وعلم ما فيه من المبالغة في العدد والتظلم طرحه وراء ظهره.
قال في الكتاب المذكور: وفي سنة ١٢٨٢ سرى تمرد الزيتونيين إلى استانبول بواسطة مرخّصي الأرمن الزيتونيين. وفي تلك الأثناء عينت الحكومة للزيتون قائمقام، فقام بعضهم يطلبون من البطركية رفعه، وظهر واحد من شجعانهم اسمه (بابيك باشا) وصار يتعاطى الدعارة وقطع الطريق إلى أن مات. وفي سنة ١٢٩٧ بدأ الاختلال في تلك الجهة وكان زعيمه رجلا اسمه بابيك، وقد دام هذا الاختلال إلى سنة ١٣١٣ وقد حدث في هذه المدة عدة وقائع أهمها الواقعة التي تقدم ذكرها، التي بدأت سنة ١٣١٣ وقد اشترك في هذه الواقعة عامّة الأرمن الجبليين، سوى أفراد قليلين منهم. واستغرق هذا الاختلال مدة خمسة وأربعين يوما. ثم تداخلت القناصل ووقفت هذا الاختلال كما قدمناه.
قال صاحب الكتاب المذكور: والغريب أن زعماء هذا الاختلال قاموا في أوله على قصد النهب والسلب، ثم بدا لهم أن يفرغوه في قالب سياسي، وبذلك اغتنموا فرصة جمع مبلغ عظيم من النقود، جمعوها من الأرمن ودلّوها في جيوبهم. وكان الغرض الحقيقي من هذه المشاغب الدعوى للمداخلة الأجنبية، وإضعاف الدولة العثمانية والتأمين على استقلال الزيتون. اه الاستطراد.
وفي هذه السنة ١٣١٣ استولى الخوف على الناس في حلب وصار لا يمرّ يوم وإلا ويقع فيه الرعب من الثورة، فيغلق الناس حوانيتهم ويتراكضون إلى بيوتهم. وفيها- في ثاني عشر آذار- سطع بين العشاءين ضياء دهش له الناس، استغرق نحو خمس دقائق. وقد انتبه له الناس من داخل خلواتهم وجعلوا ينظرون إليه، وبينما كانوا يرونه جرما ملتهبا آخذا بالهبوط، إذ بصروا به جرما عظيما كأنه قطعة سحابة نارية يتطاير منها شرر كثير كأنها