محسنا للحلبيين متلطفا بهم محبا لصالحهم، كما أن أهل حلب كانوا يحبونه كثيرا. وقصره في محلة السليمية- المعروفة بالجميلية- هو ثاني قصر بني فيها. ولما توفاه الله بلغ منهم الأسف عليه مبلغا عظيما رجالا ونساء، ومشى في جنازته منهم زهاء ثلاثين ألف شخص، سوى من كان واقفا منهم على أسطحة البيوت الكائنة في ممر الجنازة من محل سكناه في السليمية إلى التكية المولوية خارج باب الفرج حيث دفن. وقد عمل على قبره الرخام الأبيض المؤزر البديع الصنعة وكان مولده سنة ١٢٦٨ وهذا العدد يوافق عدد حروف (علي محسن) وهو اسمه.
وفي هذه السنة اهتم يحيى بك ألاي بك الجندرمة الدمشقي- من بني الشمعة- بافتتاح مكان في منزله في محلة «الجديدة» لنسج السجاد الذي كان لا يوجد من صنّاعه في حلب سوى شخص أو شخصين. وقد أحضر يحيى بك صناعا من البلاد الشمالية، وعمل في ذلك المحل مكانين أحدهما للرجال والآخر للنساء، فما مضى غير زمن قليل حتى ظهر من المتعلمين بارعون في هذه الصنعة واستغنوا عن المعلمين، وفشت هذه الصنعة في أكثر محلات حلب وصار السجاد الحلبي مما يتنافس فيه أهل الولع في السجاد. على أن هذه الصنعة كانت معروفة في حلب منذ دهر قديم ثم فقدت إلى أن جددها يحيى بك المومأ إليه.