وتسمينها وبالاعتناء بنظافتها وغسل صوفها وتمشيطه وجعلها في رادة «١» تصلح أن يتقرب بتضحيتها إلى الله تعالى، قيمة كل كبش منها، يضحّى عن السلطان، نحو ثلاثين ليرا ذهبا وعن أنجال السلطان ٢٥ ليرا وعن حرمه ١٥- ٢٠ ليرا، ويبلغ عددها مئة كبش وزيادة، ويهدي السلطان إلى كل موظف كبشا أو أكثر للتضحية يوم العيد. ومتى حل يوم العيد تصدر إرادة السلطان إلى جميع رجال الدولة ورؤساء الجيوش والقواد والصدور العظام بأن يقبلوا إلى قصر «طولمه بغجه» ببزتهم الرسمية ليرفعوا إلى أعتابه فروض التهاني بحلول العيد.
وفي أول يوم من العيد ينهض السلطان مبكرا ويؤدي صلاة العيد بموكب حافل في جامع بشكطاش، ثم يركب في موكبه ويسير إلى قصر «طولمه بغجه» تتقدمه كتائب الجيوش ويتلوها رجال «المابين» بملابسهم الرسمية المطرزة بالقصب وعلى صدورهم أوسمة الدولة العثمانية فقط. (لأنه لا يسوغ لأحد على الإطلاق أن يحمل وساما أجنبيا في حضرة (أمير المؤمنين) . وحينما يصل الموكب الملوكي إلى القصر ينزل السلطان عن المركبة ويرقى بوقار وإجلال درج الرخام المغطى بالسجاد، ثم يأخذ السكين من أحد الموظفين في المابين الملوكي. ويكون رعاة القصر قد أعدوا الكباش المعلوفة التي أسلفنا ذكرها، ومشطوا صوفها الأبيض الطويل وزينوا قرونها الكبيرة وجباهها وصوف ظهرها بورق الذهب وشرائط الحرير الأحمر والأزرق والأبيض، وجعلوا على رؤوسها تيجانا من الورق الذهب المزدان بالزهور المصنعة والريش وقطع من المرايا ووضعوها صفين بين يدي السلطان، وقبض كل جزار بيده اليمنى على قرن كبش من الكباش ولبث ينتظر الإشارة من حضرة السلطان لينحر الكبش. ويلبس كل جزار منهم في مثل هذا الوقت جبّة من الجوخ الأخضر تصل أذيالها إلى ما تحت ركبتيه وحواشيها مطرزة بأسلاك الذهب. ويضع على رأسه قبعا مخروط الشكل مصنوعا من الجوخ الأخضر، وعليه تطريز بأسلاك القصب، وله شرّابة طولها نحو نصف ذراع مصنوعة من الحرير الأخضر وأسلاك الذهب، وهو يرخيها من أمام على كتفه.
وحينما يحل وقت ذبح القرابين يسلّم السلطان السكين إلى رئيس أولئك الجزارين ويأمره بذبح القرابين نيابة عنه، ثم يصعد درج القصر ويدخل قاعة الاستراحة ويلبث هناك مدة قصيرة يتهيأ فيها للدخول إلى قاعة العرش.