الشعب ومستقبله الذي ينبغي معرفته، ولكن ضيق الزمان والمكان أمس حال دون الكلام فأرجأته إلى هذا اليوم. وكنا نود أن يكون الكلام في غير هذا النادي الذي لم يعد إلا للعلم والأدب والخطابة الاجتماعية. إلا أنني اضطررت إلى الكلام فيه إذ لم يتيسر أوسع منه. وإنني أتشرف بالمثول بين يدي قواد الجيش البريطاني، وأمام كافة مندوبي الحلفاء ووجهاء هذه البلدة التي تمثل قسما كبيرا من القطر السوري.
إخواني! لا شك أن كلماتي هذه قد سمع مرارا من فهمي أمثالها. وتكثير الكلام وترديد القول قد أزعجاني فأستميحكم العفو عن كل ما يصدر عني من الخطأ في القول أو اجتناب التصريح بكل ما في ضميري.
أول ما أخاطبكم به- أيها السادة- أني أعلمكم بأنكم اليوم في موقف ربما يعود لكم بالخير وربما يعود عليكم بغيره لا سمح الله. وهذا الأمر هو الذي حدا بي إلى الوقوف في هذا المقام.
ولا بد أنكم سمعتم خطابي في دمشق، ذلك الخطاب الذي أفصحت فيه عن كل ما يختلج بنفسي وعن جميع ما قمنا به من الأعمال إلى ذلك التاريخ. وطلبت الاعتماد من الحضور كافة. فقبلوا جميع ما كلفتهم إياه ومنحوني الاعتماد التام لأتولّى سياسة أمورهم الداخلية والخارجية. وعلى ذلك الاعتماد أنا مثابر في أعمالي.
ولقد كانت أعمالنا إلى هذا التاريخ مقرونة بكل نجاح. وهذا نتيجة آداب الأمة وحسن سلوكها. وإني لأرجو أن تثابر على هذا السير الذي يسمو بها إلى المنزلة الرفيعة.
إن الأمم- وأخصّ منها التي حاربت لنصرة الحرية والمبادىء السامية- هي التي منحتكم حق الحكم والاستقلال منحا باتا لا مشاحة فيه. وقد وصلت اليوم إلى بيروت اللجنة المرسلة من قبل الأمم التي حاربت وإياكم. أتت هذه اللجنة لتبحث عن رغائبكم ومطالبكم وستكون شاهدا فإما لكم وإما عليكم. وإذا لم تحكم بما نبتغيه فالأمة هي الجانية. إن الأمم المتمدنة تريد أن ترى الأمة العربية عامة- والسورية خاصة- في مستوى الأمم الراقية. وقد خوّلتكم هذا الحق على شرط أن تكونوا حائزين الصفات اللازمة. وليس على هذه الأمة أدنى إكراه على قبول أي أمر كان. وقد صرّحت بذلك