فوسّع نطاقها حتى وصلت حدودها إلى نهر الألب من جهة ألمانيا، وإلى مدينة رومية من جهة إيطاليا، وإلى الأبير من جهة إسبانيا، وإلى نهر الدانوب من جهة النمسا. وقد توّجه البابا لاون الثالث إمبراطورا في مدينة رومية سنة ٨٠٠ م/ ١٨٤ هـ، وكان النصر حليفه في أكثر حروبه. ونهضت مملكته في أيامه نهضة عظيمة فكثرت الإصلاحات الإدارية والمشاريع العلمية والأدبية. وكان صديق الخليفة هارون الرشيد العباسي.
وقد تلقى الامبراطور شرلمان من علماء العرب علوما جليلة. ثم مات سنة ٨١٤ م/ ١٩٩ هـ وخلّف ثلاثة أولاد، فانقسموا على بعضهم وحدث بينهم عدة معارك، ثم اصطلحوا وقطعوا بواسطة الأساقفة عهودا بينهم في مدينة فردون سنة ٨١٦ م/ ٢٠١ هـ على أن تكون البلاد- التي على الضفة الشرقية من الرين- إلى لويس، وقد سميت بلاد جرمانيا. والبلاد الغربية بين البحر ومجرى نهر الرون ونهر السون والموز إلى أخيه كارلس الأصلع، وسميت بلاد فرانسا. وبلاد إيطالية والرون والسون- وما هو كائن من البلاد بين الموز والرين- إلى أخيهما لوتير. وسميت بلاد اللوتير نجي ومنها اللورين.
ثم إن بلاد فرنسا التي يملكها كارلس الأصلع استولى عليها الضعف بعد هذا التقسم، وطمع فيها النور منديون «١» وهم أسلاف سكان نرويج ودنمارك، فهجموا عليها عدة مرات فلم يفلحوا. ثم مات كارلس الأصلع وولده لويس الالثغ، وعادت مملكة شارلمان العظيمة إلى ما كانت عليه من القوة والمنعة وصارت كلها تحت راية واحدة يقبض عليها ملك واحد اسمه كرلس السمين. وفي ذلك الوقت عاد النورمنديون وزحفوا على هذه المملكة، فعجز الشرلمانيون عن مقاومتهم، واستمر النورمنديون على زحفهم حتى صاروا على أبواب العاصمة باريس وشددوا عليها الحصار. وحينئذ تجرد إليهم الكونت أود فدحرهم وولوا منهزمين.
وبعد أن توفي لويس الخامس ابن لوتير وحفيد لويس الرابع وكرلس البسيط رأى الأساقفة ووجوه أهل المملكة أن الشرلمانيين لم يقلعوا عن توانيهم، فقرروا أن ينزعوا الملك منهم ويسلّموا صولجانه إلى حفيد الكونت أود- واسمه هوك كابه- وذلك سنة