أيام بابك الخرّمي حين سموا بالبابكية والخرّمية مع اسم القرامطة وسادوا إلى أواخر القرن الرابع حتى تلاشى أمرهم على يد بني الأصفر بن تغلب فبقوا في ضعف حال إلى أن استقر الملك للعجم من الديلم والسلجوقية وعجز الخلفاء العباسيون عن تحصين إمامتهم وضبط خلافتهم انتشر الإسماعيلية في تلك العصور واستولوا على القلاع وصاروا يخطفون الناس من السابلة وعظم ضررهم في نواحي العراق وبلاد فارس وغيرها وصاروا كدولة من أقوى الدول في أيام السلطان ملك شاه السلجوقي، وكان ذلك في أواسط القرن الخامس.
وكان مقدّمهم الكبير إذ ذاك الحسن بن الصبّاح سافر إلى افريقية وتعلم في المدرسة المار ذكرها ورجع إلى المشرق فبث دعوته في حلب وبغداد وفارس فكثرت أتباعه في تلك الأقطار واستولى بالحيل والقوة على قلعة ألموت في ولاية جيلان من بلاد فارس وهي من أمنع القلاع وجعلها مركزا للدولة الإسماعيلية وتلقب بالسيد أو الرئيس أو شيخ الجيل وهو أعم ألقابه ولقب خلفائه وقويت شوكته جدا واستولى على هوى أتباعه حتى لو أنه أمر واحدا منهم بقتل نفسه لفعل. وكان يبلغ عددهم سبعين ألفا منهم الفداوية وهم الذين يستعملهم وهو والملوك في قتل أعدائهم غيلة فيأخذون على ذلك فدية أنفسهم على الاستماتة في مقاصد من يستعملهم ومن ذلك سموا بالفداوية.
وقد أنشأ ابن الصباح لمن أطاعه حدائق مستورة قد جمعت كل ما تلذ به النفوس من مأكول ومشروب ومنكوح يحمل إليها مطيعه وهو سكران بالحشيش فإذا صحا وجد نفسه في أجمل جنة متمتعا بأنواع لذاته وشهواته ثم يسقونه ذلك الشراب ويرجعون به إلى مجلس الرئيس، فإذا زال تأثير الحشيشة عنه كان يعتقد أنه ذاق لذة النعيم الموعود به وهو الجنة على زعمهم. وكانت أفراد هذه الطائفة يكثرون من استعمال الحشيشة ولذا سموا بالحشاشين فأفسدها الصليبيون وقالوا أسّاسين. وقيل إن كلمة أساسين محرفة عن عسّاسين أطلقها الفرنج على الإسماعيلية لأنهم كانوا يعسّون البلدان في الليل.
أقول: قد تكلم صاحب دائرة المعارف على هذه الفرقة كلاما مسهبا فليراجعه من أراد الوقوف عليه.
وكانوا يسمون بالباطنية لقولهم بالإمام الباطن أي المستور. وقيل: لقولهم بباطن القرآن دون ظاهره. وقيل: لأنهم كانوا يبثون دعوتهم سرا. ويسمون أيضا بالقرامطة نسبة إلى