المستوطنين الذين يخالطون الحلبيين ويتقلدون جميع عاداتهم والناس يعتقدون أنها مسببة عن الماء، ولذا يتحامى بعض الغرباء تناول ماء نهر حلب وقناتها شربا ويعتاضون عنه بماء العين البيضاء أو عين التل فيتخلصون من هذه البثرة غالبا.
أكثر ما يكون ظهور هذه الحبة من جسم الإنسان في الأعضاء المكشوفة المعرضة للنور فيكثر ظهورها بالوجه والأنف والأذنين والجفون والساعدين وظهر الكتفين. ويقل ظهورها في الأخمص والساقين. ويندر في مقدّم العنق والصدر والبطن. وأندر من ذلك أن تظهر في باطن الكف والظهر والعجيزتين. وهي تعتري غير الإنسان من الحيوانات كالكلاب والسّنانير «١» وتكون في الأقوياء والضعفاء والمترفهين والفقراء والذكور والإناث على حد سواء. وفي الغالب تكون مفردة وقد تتعدد وربما بلغت ثلاثين حبة متفرقة في جهات مختلفة من البدن يتوالى خروجها فلا يكون ما بين خروج الأولى وما يليها إلا مدة وجيزة وقد تبرأ الأخيرة مع الأولى. والعوام يسمون المفردة منها ذكرا والمتعددة أنثى.
وقد ظهرت هذه الحبة في بعض الخدم والمأمورين الذين رافقوا الملك غليوم إمبراطور ألمانيا في سياحته إلى فلسطين. وبعد أن شاهدهم البروفسور (لابسار) أستاذ الأمراض الجلدية في دار الفنون الطبية في برلين قال: حبة حلب ليست من الأمراض الّتي تستحق الاهتمام وهي تظهر في سكان المناطق الحارة ولا سيما سكان شطوط الفرات ودجلة والعاصي. وشوهدت أيضا في سكان بيسقرا في منتهى جنوب الجزائر وتسمى هناك حبة بيسقرا. وتظهر في سكان السند وتسمى حبة دلهي وهو يرى أنها تتأتى عن لسع نوع من الذباب السيوري. اه.
أقول إن إنذار هذه الحبة جيد لأنها من نوع الحبوب القابلة للبرء. غير أنها تبقي في محلها أثرا مشوها يعظم كلما قربت من الأنف والعين والشفتين. وإذا ظهرت على بعض سلاميات الأصابع فالغالب أن تبطل حركة مفصلها. وهي تستعصي غالبا في ذوي الأمزجة الليمفاوية المستعدين للمزاج الخنازيري والمصابين ببعض الأمراض الجلدية الصعبة كالمرض الزهري والمولدين من أبوين مصابين به.