ملة في كل صقع وإقليم قد اتحدت مشاربهم وعاداتهم وأفكارهم حتى كأنهم نشؤوا في بيت واحد:
فالعقل فنّ واحد وطريقه ... أحرى وأجدر، والجنون فنون
فمما لا يستحسن من عادات بعض الناس طول مكثهم في الحمّام. وقبح هذه العادة من حيث ضررها بالصحة. والنساء في ذلك أحق باللوم إذ أن إحداهن تدخل إليه من الظهر ولا تخرج منه إلى قرب العشاء. ومن تلك العادات أيضا استلقاء البعض وانكبابه على وجهه في الحمام وتفريك القيّم بالكيس ظهره وبطنه وأعلاه وأسفله. وهكذا يفعل معه عندما يغسله بالصابون. ولا يخفى ما يكون في ذلك من انكشاف العورة وعبث القيّم بها. وقد نص الفقهاء على كراهة ذلك في كتاب الحظر والإباحة.
ومنها إفراط استعمال النسوة في الحمام طين الطفال المعروف بالبيلون، فهو وإن كان ينعم البشرة ويزيل ما يحدث فيها الصابون من الخشونة إلا أن الإفراط من استعماله قد يحصل منه سد الآذان سيما آذان النساء.
ومنها ما اعتاده بعض الناس من نوم نسائهم عدة ليال عند من يزرنهم من الأهل والأحباب ولا سيما حينما يولد ولد لأحدهم فإنهم يبقين في منزل أبي المولود سبعة أيام متوالية يتكبد فيها مشقة عظيمة ونفقات باهظة عدا ما يلحق النفساء وطفلها من السآمة والملل من ضجيجهن وغواشهن «١» ليلا ونهارا. على أن الواجب الصحي يقضي أن تكون النفساء وطفلها منفردين في خلوتهما مصانة أسماعهما عن اللغط.
أما رجالهن فإما أن يناموا في بيوتهم وإما أن يناموا في بيت الزيارة. ولا يخفى ما في نوم الرجل وحده في بيته من الزحمة والمشقة وأما نومه في بيت الزيارة فهو يوجب المشقة الزائدة على صاحبه لأنه يضطر حينئذ أن يستحضر مفروشا للرجال ومفروشا للنساء ويفرد لكل نوع منهما بيتا على حدته. هذا مع ما يكابده من الزحمة في مغايرة الموائد وعند خروج أحد الفريقين إلى الطهارة والوضوء.