المجتمع أو المنتهى. وهذه معان يوافق بعضها معاني الصوب في اللغة العربية. وعلى كل حال فإن أول من سكن صقع حلب هم الآراميون. وأما الكتابة الهيروكليفية في ظاهر الحجر الأسود في جدار جامع القيقان فهي لا تصلح أن تكون دليلا على أن أول من سكن حلب هم المصريون «١» إنما يستدل بها على مجيئهم إليها لا غير. وقد سماهم في «تحفة الأنباء» : العمالقة. وهو غلط. ولا شاهد على أنها كانت تسمى بلغتهم هلبون وهلبة إذ لم نسمعه ممن يعتدّ به. كما لا صحة لقول من قال: إن اليونان كانت تسميتها «خلبة» بالخاء المعجمة لعدم وجود الحاء المهملة بلغتهم إلا أن تكون كلمة «خلبة» تحريف حلب.
ولا يجوز أن يكون اليونان أخذوا هذا الاسم عن المصريين الذين كانوا يسمونها هلبة على رأي القائل به، فإن اليونان كانوا يسمونها بغير هذا الاسم، قيل هو برويا ومعناه البرّ يرى، وذلك لأن من كان في قلعة حلب يرى البرّ منها. لكن هذا إنما يصحّ فيما إذا كان هذا الاسم مركبا من كلمتين عربيتين وهو بعيد. وفي معجم ياقوت أن اسم حلب بالسريانية «باروّا» . وقرأت في وريقات تاريخية مطبوعة تنسب إلى حضرة البطريرك أفرام رحماني الثاني أن المقدونيين لما استولوا على بلاد سوريا أطلقوا على مدينة حلب اسم بروّا اقتداء باسم إحدى المدن اليونانية في بلاد «تراقي» غير أن الأهالي حافظوا على اسمها القديم اه.
فالمفهوم من هذا أن كلمة بارّوا أو بروّا يونانية لا سريانية، كما قال ياقوت. وأطلق كزانفون اليوناني تلميذ سقراط الحكيم كلمة «حلب» على جميع الصقع الممتد من أذنه إلى الفرات.
ويقال إن الصابئية كانت تسميها مابرغ «٢» . والصواب أن هذا أحد اسمي منبج. كما ستقف عليه في الكلام على منبج.
إن الأستاذ منكه الفرنسوي الجغرافي الشهير سماها في أطلسه التاريخي في خارتة آشور «يره بوليس» . (والصواب أن يره بوليس هو أشهر اسمي منبج القديمة في الدولة اليونانية) وفي خارطة بني إسرائيل حلب وأطلق لفظ أرام صوبا على كورة بين حلب وحماة.
قلت: الأقرب إلى الصواب أن يطلق هذا الاسم على كورة حلب نفسها، كما هو