أسسها وسموها تيوبوليس أي مدينة الله أملا أن يصرف عنها البلاء. ثم في سنة ٥٨٧ و ٥٨٨ مسيحية عاودها الزلزال فأهلك من عالمها ٦٠ ألف نسمة.
وفي سنة (١١١٥) مسيحية وسنة ٥٠٩ هـ عاودها أيضا فدمرها عن آخرها. ثم في سنة ١٢٣٧ هـ وسنة ١٨٢١ م حدث بها زلزال آخر فلم يكن أقل وبالا مما سبق وآخر زلزال أصابها سنة ١٢٨٧ هـ وسنة ١٨٧٠ م فدمر نصفها. وكانت هذه الزلازل العظيمة لم تكن وحدها سببا لدمارها بل كان يحدث فيها ثورات وفتن وحروب تأتي على بقية ما يدمره الزلزال. منها ثورة حدثت بها سنة (١٤٥) قبل المسيح فقد ذبح فيها اليهود مائة ألف من السوريين ونهبوا أنطاكية وسنة (٨٣) قبل المسيح استولى عليها ديكرانوس الأرمني.
وبقيت في أيدي الأرمن إلى سنة ٦٩ قبل المسيح فعادت إلى السلوقيين.
وفي سنة ٦٤ قبل المسيح استولى عليها الرومانيون وأحرقوها. وفي سنة (٢٥٠) مسيحية بغتها سابور وأوقع بسكانها على حين غفلة ثم نهبها وأحرقها ورحل عنها.
وبالجملة فإن مدينة أنطاكية هي مدينة بولس أحد رسل المسيح صلوات الله عليه وأساقفتها ارتقوا إلى رتب البطاركة وصار لهم حق الجلوس بجانب أساقفة الإسكندرية ورومة والقسطنطينية. وفيها تسمت أتباع المسيح بالمسيحيين. وعلى عهد هرقيليوس استولى عليها المسلمون ولم تكن حينئذ إلا بلدة في حالة الإدبار والقهقرى أو عاصمة مملكة خربت.
هذا خلاصة ما قاله مؤرخو الفرنج في مدينة أنطاكية.
وأما خلاصة ما قاله فيها مؤرخو العرب فهو أن أول من بني هذه المدينة أنطيخس وهو الملك الثالث بعد الاسكندر. وقيل بناها بعد السنة السادسة من موت اسكندر ولم يتمها فأتمها بعده سلوقوس وهو الذي بنى اللاذقية وحلب والرها وأفامية وبنى أنطاكية على نهر أورنطس وسماها أنطيسوخيا. ثم كملها سلوقوس وزخرفها.
وطولها ٦٩ درجة وعرضها ٣٥ دقيقة لا تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان وثلاثين دقيقة يقابلها مثلها من الجدي. وهي في الإقليم الرابع. وقيل أول من بناها وسكنها بنت الروم ابن اليقن ابن سام أخت أنطالية. باللام، وهي من أعيان البلاد ومهماتها موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخيرات.