أنطاكية لاستيلاء القحط عليهم وأحرقوا هذا الهيكل. وفي سنة ٦٢٥ مسيحية زلزلت تلك الجهات وانهدمت دفنة عن آخرها. ومحلها الآن ظاهر للعيان وهو واد بين جبلين فسيح موجه غربا تنبع المياه من قمة هذين الجبلين وتسيح على أباطحها فيرى لها منظر بديع جدا كأنها سلاسل فضة مدلّاة من علو وهي في غاية العذوبة والصفاء وقد نصب على شلالاتها وهي في الجبل نحو عشرة أرحاء «١» تدور بقوة المياه وبعد نزولها إلى وادي دفنة تجري إلى عدة بساتين فترويها ثم تصب إلى نهر العاصي.
وبالجملة فإن دفنة لم يبق لها الآن أثر ولا يدل عليها طلل فسبحان الدائم بعد فناء البلاد والعباد.
ومن الأماكن المشهورة في قضاء أنطاكية ناحية (السويدية) في شمالي سورية وغربي أنطاكية على بعد ستة أميال منها في موضع صخري مقبل على البحر المتوسط في لحف جبل بيروس، ويقال له أيضا جبل موسى. وهي من أنزه نواحي أنطاكية وأعمرها قد اشتملت على ما لا يحصى كثرة من العيون العذبة والبساتين الحاوية من كل ثمرة وفاكهة.
وقد زعم بعض المؤرخين أنها كانت بلدة فينيقية يقال لها (أولبياهيريا) وأنها كانت محط تجارة بعض الفينيقيين في زمن إقبالهم كاسكندرونة. والصحيح أن الذي اختطها سليقوس نيكاتور جعلها فرضة «٢» لأنطاكية وكانت تسمى في عهد السلوقيين سلوقية.
وتمتاز عن غيرها بإضافتها إلى بيروس وكان يسمى باسمها تسعة بلدان. ويروى أن بانيها مدفون في موضع منها.
وقد استمرت في أيدي خلفاء سلوقوس إلى أن انتزعها منهم بطليموس الثالث ثم استعادها أنطيوخوس الكبير ثم استولى عليها تكران ملك الأرمن ولم تلبث معه غير قليل حتى ملكها منه الرومان فانحطت للغاية. وأما ميناؤها فقيل إن الذي حفرها هو القيصر طيباريوس وقيل بل هي قديمة وإنما هذا القيصر أصلحها بعد خللها.
واستمرت مدينة السويدية عامرة بعد انحطاطها إلى سنة (٥٢٦) وفيها زلزلت الأرض هناك وانهدم معظم المدينة. ثم في سنة (٥٢٨) زلزلت مرة أخرى فأتت على بقية مبانيها