وفي منتصف القرن الرابع ملكها الدمستق فيما ملك من أعمال أنطاكية. وفي سنة ٥٨٤ سار إليها صلاح الدين بعد فتح دربساك وحصرها ونصب عليها المجانيق فلم يفز منها بطائل لعلوها وحصانتها وقلّ الماء على المسلمين فشق عليهم ذلك ويئسوا «١» من فتحها فنصب صلاح الدين حياضا وأمر بحمل الماء إليها. فبينما هم على ذلك إذ فتح باب القلعة وخرج إليهم إنسان يطلب الأمان حتى يسلموا الحصن على أن لا يخرج من أهله أحد إلا بثيابه بلا مال ولا سلاح ولا متاع ولا دابة فأجابهم صلاح الدين وتسلم القلعة واستولى على ما فيها من الذخائر والأموال وأمر بهدمها فهدمت ورحل عنها.
ثم إن ابن ليون الأرمني جدد عمارتها وجعل فيها عسكرا يغير على البلاد الإسلامية المجاورة لها إلى سنة ٦٣٥ فحصرها توران شاه عم الملك العزيز بعسكر حلب ثم رحل عنها لهدنة مع صاحب أنطاكية ثم تغلب عليها المسلمون واستمروا بها إلى أن أخذت بالخراب.
وقد ذكرها البحتري في شعر مدح به أحمد بن طولون حيث يقول:
سيوف لها في كل دار عدا «٢» ردى ... وخيل لها في كل دار عدا «٣» نهب
علت فوق بغراس فضاقت بما جنت ... صدور رجال حين ضاق بها الدرب
وإلى بغراس هذه ينسب أبو عثمان سعيد بن حرب البغراسي ومحمد بن إبراهيم بن قاسم البغراسي الخضري دخل دمشق وحدث بها سنة ٤١٤ وفي هذا القضاء أيضا دير بساك أو دربساك كان حصنا وليس بدير وكان من أعمال حلب وليس له الآن أثر يعرف وكان موضعه قاطع النهر الأسود المعروف الآن بنهر قره صو على لحف شعبة من جبل اللكام قرب جسر مراد باشا وليس له ذكر في الفتوح الإسلامي وإنما جدد في دولة الأرمن لما ملكوا الثغور.