فيه روضات أنا صبّ بها ... مثل ما أصبح فيها الماء صبّ
نهره إن قابل الشمس ترى ... فضة بيضاء من نهر ذهب
وينسب إلى الباب من المتأخرين مصطفى البابي الشاعر وقد ذكرنا له ترجمة في باب الأخبار. وأما الجبّول فيجتمع على ملاحتها كثير من الطير قبل جفافها وظهور الملح بها.
وأنشد في ذلك المهذب العامري الحموي:
قد جبل الجبّول من راحة ... فليس تعرو ساكنيها هموم
كأنما الماء وأطياره ... فيه سماء زينت بالنجوم
كأنّ سود الطير في بيضها ... خليط جيش بين زنج وروم
وكان أهل الجبول يعرفون بقلة الدين والمروءة والكذب والاختلاق والتعصب على المحال.
وأما تادف فهي على بعد غلوة من الباب وفيها العنب والرمان اللذيذان يحمل منهما إلى حلب ما يكل عنه الوصف وفيها طائفة من الشاذلية ينسب إليهم أمور غريبة. وفيها مقام للعزير «١» الذي أملى التوراة على بني إسرائيل بعد فقده على ما يقوله اليهود ولزيارته عندهم أيام معلومة يسافرون إليها من حلب وغيرها ويجتمع منهم في تادف جم غفير ويقال إن لصوبا المذكورة في التوراة خربة قرب جبول. وقال ابن حوقل إن صوبا مدينة قديمة تعرف بكعب كانت على مقربة من الفرات سكنها بنو إسرائيل في الأعصار القديمة وطردوا منها تسع مرات. وقباسين المذكورة في الجدول بين بيرة الباب وقبة الشيخ كانت تعرف بتل قباسين وكانت إذ ذاك تعد من العواصم.
هذا وإن لمدينة الباب مناظر جميلة ومنتزهات بديعة وهي صحيحة الهواء جيدة الماء رخيصة الأسعار كثيرة البقول والفواكه جيدة التربة تستحق أن يقصدها المصطافون لو كان في بساتينها قصور تصلح للسكنى.