للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقفا على الحرمين وبنى فيها مباني باقية حتى الآن من جملتها دار بناها لمملوك له اسمه أبشير آغا الذي أنشأ في إدلب جامعا يضاف الآن إلى اسمه له مدفن فيه عدة قبور لأولاده ومنذ ذلك الحين بدأت إدلب الصغرى تعظم وتتسع ويغرس في برها الزيتون والكرم والتين وانتقل إليها عدد كبير من قطان سرمين وصارت مركز مديرية تابعة قضاء ريحا ثم صارت مركز قضاء وجعلت ريحا مركز مديرية تابعة لها.

تشتمل إدلب على دار حكومة ومستودع للرديف وأربعة عشر جامعا منها جامع قديم يقال إنه عمري وعلى أربعة وثلاثين مسجدا وتسع مدارس وكنيسة ونحو ثمانمائة وخمسين دكانا وثلاثة عشر خانا وأحد عشر فرنا وخمس مصابن وعشر معاصر للزيت وثمان وأربعين مسبغة، وعلى صيدلية وعشرين مدارا قبل أن يوجد فيها مطاحن تتحرك بقوة الغاز البترول أو الغاز الفقير وعلى خمسة مقاهي وثلاثة حمامات.

شرب أهل إدلب من الصهاريج التي يحرز فيها ماء المطر ويوجد فيها بعض آبار سحيقة ماؤها النابع ملح يتراوح عمقه بين ١٥ و ٢٠ باعا ينقل منها الماء على الروايا «١» إلى الحمامات وبعض المنازل وطالما تذاكر أهل هذه المدينة بأن يجروا إليها ماء من عين دانيت قرب قرية مرتين فلم يتم لهم ما أرادوا إلى أن كانت هذه السنة وهي سنة ١٣٤٣ عزموا العزم الأخير على جر هذا الماء إلى بلدتهم على أن تجمع النفقات على ذلك من السكان ويؤخذ بعضها من صندوق بلديتها.

الغالب على أهل هذه البلدة الصحة والثروة وهم ميالون إلى العلوم والمعارف وفيهم العلماء والأدباء وأهل الفطنة والسخاء.

وقد اشتهرت إدلب بالصابون حتى إنها ربما دعيت إدلب الصابون. وذكر لي بعض ثقات «٢» أهلها أنه كان عثر على منشور سلطاني يحظر فيه طبخ الصابون في غير إدلب من إيالة حلب. ومما يذكر أن أصل خميرة الصابون الذي يطبخ في حلب كان جلب من إدلب.

قلت يفهم من هذا أن طبخ الصابون في حلب حدث بعد حدوثه في إدلب وهو غير صحيح فإن طبخ الصابون في مدينة حلب قديم جدا ربما يرتقي عهده إلى القرن الخامس أو السادس

<<  <  ج: ص:  >  >>