مؤرخي حلب أن من خواص سرمين عدم وجود الحيات في أرضها.
ومما له ذكر في التاريخ من هذا القضاء قرية الفوعة وكانت من أعمال سرمين إلى أن أفردها الملك الظاهر غياث الدين غازي بولايته وجعلها في خاصته ولم تزل ترسل لها الولاة والقضاة إلى أوائل الدولة العثمانية وأهلها ما زالوا من قديم الزمن شيعة. وقد مر ذكرهم في المقدمة بالكلام على الشيعة.
ومما له ذكر في التاريخ معرة مصرين ويقال لها معارة مصرين وتقدم لنا تفسير المعرة في الكلام على معرة النعمان. قال ياقوت: وأما مصرين إن كان عربي الأصل فهو جمع مصر بالفتح وهو الحلب بأطراف الأصابع.
أقول: الصواب أن معرة مصرين لفظان سريانيان تعريبهما مغارة الأمصار والأمصار بالسريانية هي الأمطار. وكانت هذه القرية مدينة مذكورة وبلدة مشهورة محفوفة بالأشجار وشرب أهلها من ماء الأمطار ولها سور قديم مبني بالحجر وقد انهدم ولم يبق منه أثر.
وقد فتحت عن يد أبي عبيدة سنة ١٧ وكانت معرة مصرين كورة وبينها وبين حلب خمسة فراسخ وقال حمدان بن عبد الكريم «١» يذكرها:
جادت معرّة مصرين من الديم ... مثل الذي «٢» جاد من دمعي لبينهم
وسالمتها الليالي في تغيّرها ... وصافحتها يد الآلاء والنعم
ولا تناوحت الأعصار عاصفة ... بعرصتيها كما هبّت على إرم
حاكت يد القطر «٣» في أفنانها حللا ... من كل نور شنيب الثغر مبتسم
إذا الصبا حرّكت أنوارها اعتنقت ... وقبّلت بعضها بعضا فما بفم
فطالما نشرت كفّ الربيع بها ... بهار كسرى مليك العرب والعجم
وهذه القرية الآن محلتان قبلية وشمالية وسكان الأولى شيعة. في جبل بني عليم وهو المعروف الآن بجبل الزاوية قرية يقال لها نحلة فيها مقبرة يشاهد عليها في الليل أنوار ساطعة