من الرها عين العروس في ناحية حران على ضفتها مقام خليل الرحمن ومحل زفافه على زوجته سارة فيسقي هذا الماء مسافة عظيمة من الحقول ثم يصب بالفرات شرقي الرقة ونهر جلاب منبعه من أراضي قرية ديب حصار ومنه تشرب عامة قرى هذه الناحية. ونهر آخر في قرية رأس العين من ناحية بوز آباد. وغير ذلك من العيون والأنهار الصغيرة التي يكل القلم عن إحصائها.
وقد اشتهرت الرها بكثرة الغلات والمحاصيل كالحنطة والشعير والعدس والحمّص والسمسم والسمن والصوف والخيول، فإن جميع هذه البضائع بعد أن تكتفي منها الرها يصدر منها إلى غيرها مقدار عظيم. وكانت لغة سكانها بعد تبلبل الألسن سريانية وكلدانية وفي أيام أفريدون زادت فيهم الفارسية ثم في أيام إسكندر زادت الرومية وفي أيام ملوك الطوائف صارت عربية لأنه توطن بها عدة قبائل من ربيعة ومضر وبني مدلج ويقال له مذحج المشهور بمعرفة القيافة. وفي أيام ملوك الفرس الثانية اختلطت لغتهم بالفارسية ثم في أيام الملوك السلجوقية وأولهم ملكشاه زادت في لغتهم التركية ثم في أيام ناصر الدين أحد ملوك الأكراد زادت فيهم اللغة الكردية ثم فشت وعظمت في أيام الأكراد الأيوبية وكثر فيها الأكراد. وفي أيام الدولة العثمانية أمر السلطان وزيره حسين باشا ابن القاضي أن يأتي بثمانين ألف تركماني ويسكنهم في الرها فامتثل أمره وأسكنهم قرب عين العروس ويقال لذلك المكان جلاب التركمان والقلعة البيضاء ومن ثم صارت لغة الرهاويين تركمانية ثم صارت عثمانية إلا أنه يوجد فيهم الآن التركي والعربي والكردي والأرمني كما قدمناه ومعظمهم التركي فالعربي فالكردي فالأرمني.
والعرب القاطنون في الرها وصحرائها هم من عشيرة قيس وينتسبون إلى زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه وبني محمد وبني يوسف والجميلة والسيالة والطماح وبني عجل وبني نمير وبني حمدان والمعاجلة وآل أبي الحسن والمرابدة ومنيف وفتيت والمغيلات وسجو والشاوي وآل أبي العساف وبني أسد وبني طي والنعيم وينتسبون إلى الحسين وبني زيد وبني كلاب وآل أبي خميس والبقّارة والغول والسليب وغيرهم. ومعظمهم في ناحية حران وجلاب التركمان.