بكثرة الفستق وجودة الفواكه وشرب أهل خلفتى من عيون منصبة عليهم من الجبال المجاورة لهم وهم كاهل بيره جك يتحامون شرب ماء الفرات خيفة من كثرة الأكل لأنهم يدعون أن ماءها كثير الهضم للطعام. وحكى ياقوت في معجم بلدانه في الكلام على «قلعة الروم» أن كتاغيكوس الذي كان يلي البطارقة في قلعة الروم من قديم الزمان كان من ولد داود على زعمهم وعلامته عندهم طول يديه وأنهما تتجاوزان «١» ركبتيه إذا قام ومدهما ويلفى ذلك في ولده وفي سنة ٦١٠ اعتمد اليون بن اليون «٢» ملك الأرمن الذي بالبقعة الشامية في بلاد المصيصة وطرسوس وأذنه ما يكرهه الأرمن وهو أنه كان إذا نزل بقرية أو بلدة استدعى إحدى بنات الأرمن وقضى أربه منها في ليلة ثم أطلقها إلى أهلها إذا أراد الرحيل عنهم.
فشكا «٣» الأرمن من ذلك إلى كتاغيكوس فأرسل إليه يقول له هذا الذي اعتمدته لا يقتضيه دين النصارى فإن كنت منهم فارجع عنه وإلا فافعل ما شئت فقال أنا منهم وسأرجع عما كرهه البطرك. ثم عاد إلى أمره وأشد فأعادوا شكواه فبعث إليه مرة أخرى إن رجعت عما تعتمده وإلا حرمتك فلم يلتفت إليه. وشكي مرة أخرى فحرمه كتاغيكوس وبلغه ذلك فكشف رأسه ولم يظهر التوبة عما صنع فامتنع عسكره ورعيته عن أكل طعامه وحضور مجلسه واعتزلته «٤» زوجة وقالوا هو الدين لا بد من التزام واجبه ونحن معك إن دهمك عدو أو طرقك أمر وأما حضورنا عندك وأكلنا طعامك فلا.
فبقي وحده وإذا ركب ركب في شرمزة «٥» قليلة فضجر وأظهر التوبة وأرسل إلى كتاغيكوس يسأله أن يحضر لتكون توبته بمحضره وعند حضور الناس يحلله. واغتر كتاغيكوس وحضر عنده وأشهد على نفسه بتحليله وشهد عليه الجموع فلما انقضى المجلس أخذ اليون «٦» بيده وصعد القلعة وكان آخر العهد به وأحضر رجلا من أهل بيته وكان مترهبا فأنفذه إلى القلعة وجعله كتاغيكوس.