للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناقوس وهو أول قصر بني في هذه الخطة والقصر الثاني قصر المرحوم علي باشا المشتمل على حديقة واسعة تجاه المكتب السلطاني في شماليه ثم تتابعت المباني والقصور حتى بلغت الآن العدد الذي ذكرناه وأصبحت هذه الخطة من أجمل محلات حلب وأوسعها شوارع ومهايع وأجودها هواء وبناء.

تعتبر أرضها من شماليها من خط النصيبي ومن قبليها من أرض الحلبة بفتح الحاء التي تسمى أيضا أرض العقيقة لاحمرار تربتها أو لأن الشقيق يغلب على نباتها أيام الربيع فتبدو للعين من بعد كأنها قطعة عقيق حمراء وهي واقعة غربي مدينة حلب في واد وراء جبل الجوشن وجبل قطيش من شرقيهما يحدها قبلة نهر الفيض وغربا الجبلان المذكوران وشمالا الجادة الكبرى الآخذة إلى محطة الشام. والمفهوم من كتب التواريخ الحلبية وبعض قصائد أبي الطيب المتنبي أن قصر سيف الدولة ابن حمدان كان في هذه الأرض وإن قسما عظيما منها كان مشتملا على عدة مدارس وحمامات ومنازل مما لم يبق له أثر ولا يدل عينه خبر وإن هذا الوادي سمي أرض الحلبة لأن سيف الدولة كان يجري فيه سباق الخيل. ماء هذه المحلة فيه ملوحة يسيرة وبعض أجزاء من تراكيب الحديد وفي كثير من بيوتها صهاريج يجمع فيها الماء من المطر. وكلما اقتربت إلى جهتها الجنوبية كانت الآبار فيها عميقة وربما صادف البئر بقعة صخرية لا يتوصل فيها إلى منبع الماء إلا بعد مشقة وصرف مبلغ يربو على مائة ذهب عثماني. وعمق البئر يتراوح بين عشرة أبواع إلى عشرين باعا. كانت هذه المحلة في نشأتها الأولى أيام دولة السلطان عبد الحميد خان ثاني مختصة بسكنى الأغراب من الموظفين بالحكومة والمنفيين من قبل هذا السلطان، وكان الحلبيون يتحامون السكنى فيها للخوف من اللصوص لبعدها وانقطاعها عن المدينة.

وبعد الانقلاب الدستوري العثماني وإطلاق سراح المنفيين تهافت الحلبيون على السكنى فيها لزوال الخوف بسبب اتصالها بالبلدة ولبناء مخفر فيها للشرطة. وكان الذراع المربع من أرض هذه المحلة يباع بقرش إلى عشرة قروش على تقدير الذهب العثماني بمائة وخمسة وعشرين قرشا فصار الآن يباع من نصف ذهب إلى ذهب تام أكبر آفات هذه المحلة كثرة البعوض المنبعث عن الكنف «١» إذ لا مصارف جارية لقاذوراتها ولأن قسم الفيض من نهر قويق ينقطع عنه الماء في أواخر فصل الربيع فيبقى مستنقعا ينشأ منه البعوض. أما آثار هذه المحلة

<<  <  ج: ص:  >  >>