والسلام قد أخبر بهذا العلامة المحدث الرباني الشيخ مرتضى اليماني شارح الإحياء والقاموس. قال شيخنا العلامة الشيخ أحمد بن التكمجي نزيل مصر إن الشيخ مرتضى إمام في علم التاريخ) . أقول: الشيخ مرتضى هذا هو الإمام العلامة محمد الشهير بمرتضى الزبيدي بحر العلوم ومعدن المنطوق والمفهوم المتوفى في القاهرة سنة ١٢٠٥ هـ وقد ترجمه الجبرتي في تاريخ مصر بما لا مزيد عليه. وترجمه أيضا علي مبارك باشا في كتابه الخطط المصرية في الصحيفة ٩٤ من الجزء الثالث من المجلد الأول من النسخة التي طبعت سنة ١٣٠٦ في مطبعة بولاق الكبيرة الأميرية.
لا أدري أين قال مرتضى الدين إن بنقوسا المذكور نبي ولا نعلم نبيا اسمه بنقوسا. وقد راجعت في القاموس ما كتبه في كلمة بناقيس فرأيت الشارح قد استدركت على الفيروزابادي بانقوسا وقال: هو جبل في ظاهر حلب وأنشد أبيات البحتري (أقام كل ملثّ القطر رجاس إلخ) وقد ذكرناها فيما مدحت به حلب. فلو كان الشيخ مرتضى هو القائل بأن بانقوسا اسم نبي لكان ذكره لها هنا أولى من ذكرها بغير موضع لأنه كان يجعلها استدراكا على صاحب القاموس كما جرت عادته. ويزعم كثير من الناس أن لفظة بانقوسا أصلها بان قوسها أي ظهر قوسها ويحكون في ذلك حكاية لم نرها في كتاب ولا ديوان. والذي يظهر لي أن هذه اللفظة إن كانت عربية فهي مأخوذة من بناقيس وهي ما طلع من مستدير البطيخ واحدة بنقوس بالضم وبناقيس الطرثوث شيء صغير ينبت معه أول ما يرى كما قاله الشيخ مرتضى وذلك لأن بنقوسا جبل مستدير يتراءى للمقبل على حلب قبل سائر جبالها لما كانت أشجاره قائمة حينما كانت مخشبة لحلب كما ذكره صاحب كنوز الذهب وغيره وكما تدل عليه أشعار البحتري والصنوبري وعبارات المؤرخين الذين تكلموا على الحروب التي وقعت بين سيف الدولة وكافور الإخشيدي وكيف كان كافور يقطع شجر بنقوسا. وإن كانت هذه اللفظة غير عربية وهو الصحيح فالأولى أن تكون سريانية وأصلها بيت نقوشا أي بيت الناقوس فحذفت الياء والتاء من بيت كما هي قاعدة التعريب من السريانية كبحسيتا وباصفره وقلبت الشين سينا كما هي القاعدة أيضا كقنسرين فصارت بنقوسا فالظاهر أنها كانت موضع الناقوس أيام سكنى الكلدان في هذه البلدة هذا إذا كان أصل هذه الكلمة سريانية فإن كانت غير سريانية فالأولى أن يكون أصلها تركي محرفة عن كلمتين هما (بيك قوزه) تقرأ الكاف نونا. ومعنى الأولى ألف والثانية جوزة أي شجرة جوز وذلك لأن هذا