البدوية جارية في وقف التكية المذكورة ثم في أثناء الحرب العامة اتخذ الألمان منها أيضا قطعة جعلوها مقبرة لأمواتهم ثم حذا حذوهم الإنكليز ثم الفرنسيين منهم من دفع قيمتها المقدرة إلى متولي التكية ومنهم من لم يدفع شيئا حتى الآن. أما الدور الثلاث في جبل الغزالات فقد كان بناؤها في سنة ١٢٧٩ كما نوهنا بذكرها في حوادث هذه السنة من باب الحوادث.
وقد أشرفت الآن على الدثور وخلت من السكان. وفي حدود سنة ١٣٢٥ احتكر محمد أسعد باشا ابن (محمد علي) الجابري على سفح هذا الجبل من غربيه عرصة واسعة من وقف التكية المذكورة تبلغ مساحتها نحو ثلاثين ألف ذراع معماري دفع بدل حكرها المعجل نحو ٢٠٠ ذهب عثماني فبنى عليها حائطا وحفر فيها دولابا عمل في جانبه حوضا وعمر دارا لسكنى الفلاحين وقصرا شامخا لسكناه كثير الغرف واسع الخلوات صرف عليه زهاء عشرة آلاف ذهب عثماني.
ولما كانت الحرب العامة تسلط على هذا القصر وباقي المباني الداخلة في هذه العرصة الشطار والدعار فاستلوا كثيرا من أخشابه ودفوفه وأصبح غير صالح للسكنى. وفي سنة ١٣٤٠ آجرها الورثة من مهاجرة الأرمن فأجروا عليها بعض الإصلاح واتخذوها محلا لسكناهم. الغزالات يلفظها الناس بتشديد الزاي والصواب تخفيفها فقد أضيف إليها الجبل لأنه كان يوجد فيه عدة كنس «١» تقتنص منه الغزلان. مما يضاف إلى هذه المحلة مستودعان لحفظ الأعتاد الحربية النارية في شرقي تكية الشيخ أبي بكر إلى الجنوب يبعدان عنها مسافة ميل أو أكثر أحدها أنشئ من قبل العسكرية العثمانية في حدود سنة ١٣١٠ والآخر أنشئ من قبل العسكرية الألمانية في حدود سنة ١٣٢٥ وكلاهما مما انهدم بانفجار ما فهي من الأعتاد على إثر انسحاب الأتراك والألمان من حلب. يلحق بهذه المحلة أيضا الميدان الأخضر في شمالي حلب ويعرف عند الأتراك باسم (كوك ميداني) أي ميدان المرجة لانبساط المروج الطبيعية عليه وكان ميدانا واسعا فسيحا تخيم فيه جنود الدول حين شخوصهم إلى الحروب ويسرحون فيه أنعامهم وخيولهم للرعي وكان المرحوم السلطان نور الدين بن زنكي يلعب بالكرة والصولجان صحبة أتابكه صلاح الدين حتى إنه كان له قيم خاص به يسمى قيم الميدان ثم بعد دخول العثمانيين إلى حلب احتكرت المسافات الواسعة من أطرافه وغرست حدائق وبساتين حتى لم يبق منه الآن سوى مسافة لا تزيد