كان الموسم جيدا تجيء غاية في الخصب وقلما يجود المبذور منه في شباط. وكلها تدرك في هيار وفيه تحصد. ويقال: في هيار بالمنجل يغار. وهذا يكون في ضواحي حلب وقراها الشرقية والجنوبية. أما في أعمالها الشمالية فإن إدراكها يتأخر إلى أواخر حزيران لبرودة مواقعها. وهكذا جميع الحبوب والبقول والفواكه والخضر فإنها تدرك في ضواحي حلب وبساتينها وقراها المذكورة قبل إدراكها في أعمالها الشمالية.
وأما أعمالها الغربية فمنها ما تدرك فيها النباتات قبل حلب كاسكندرونة، ومنها ما يتأخر عنها كبيلان. ومنها ما يساويها كبقية الجهات. ثم إن الحنطة أنواع لا تكاد تدخل تحت حصر وليس في تعدادها كبير فائدة. ومثلها الشعير وربما أدرك قبلها بأيام قليلة والعدس والجلبان وما هو من فصيلته كالخرقى والبيقة والقصاص المعروف بالكرسنّة والبسلة والماش والباقلاء المعروف بالفول والحمص، كلها يتأخر بذرها عن الحنطة وتزرع عذية وتدرك في أواخر نيسان. والذرة البيضاء والصفراء المعروفة عندنا بالذرة المصرية يمتد بذرهما من آذار إلى أواسط نيسان وتدركان في أيلول ويزرعان سقيا وبعلا. وقد تقطف الصفراء طرية من أوائل الصيف إلى أيلول وتشوى وتؤكل.
ويوجد في أعمال حلب شمالا حب شبيه بحب الشهدانج حجما أبيض أملس ينساب كالرمل إذا قبض عليه، يقال له في بر الترك كلكل وهو نوع من الدّخن يستعمله فقراء تلك البلاد خبزا وربما استعمله أغنياؤها في سنين القحط والمجاعة. وأوان بذره وإدراكه كالذرة البيضاء. ويوجد في أنطاكية وقراها حب أشبه بالشعير إلا أن حبته أرق من حبة الشمار يزرعه أهل تلك الجهات علفا لدوابهم ويرون أنه أنفع لها من الشعير ولا سيما في الأيام الحارة ويسمونه الشوفان. ومن الحبوب الكثيرة الفائدة في ولايتنا الأرز وهو أنواع عديدة ويزرع منه مقدار عظيم على السيح في سهول العمق وجهات مرعش، وأوان زرعه اليوم الرابع عشر من آذار ويدرك في أيلول.
ومن الحبوب الكثيرة الاستعمال اللوبيا وتزرع في بساتين حلب وبلادها وعلى شطوط نهر الفرات، وأوان زرعها نيسان وتدرك في حزيران. ومما هو من فصيلتها نوع يقال له الفاولة، والبعض يسميه فاصولية، وتزرع سقيا في البساتين فقط في الربيع وتدرك بعد مدة قليلة ويتوالى قطافها إلى أواسط الخريف، وهي واللوبيا يطبخان بغلافهما أخضر ويطبخ حبهما فقط يابسا وربما جففتا بغلافهما في حال غضاضتهما ثم استعملتا طبخا. ومما هو