للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب النهي عن الصلاة في الهاجرة]

هذا وقت أنشأته الحاجة ورخصت فيه الشريعة رفعاً للمشقة، وليس له تحديد في الشريعة إلا ما ورد في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، أن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -: (كان يصلي الظهر في الصيف من ثلاث (١) أقدام إلى أربعة أقدام، وفي الشتاء من خمسة أقدام إلى ستة أقدام) (٢)، وذلك بعد طرح ظل الزوال. أما إنه وردت فيه إشارة واحدة وهي في الحديث: (كنّا نصلّي الجمعة وليس للحيطان (٣) ظلّ)، فلعل الإبراد كان ريثما يكون للجدار ظلّ يأوى إليه المجتاز، وهو وقت يختص (٤)، بالجماعةٌ. فأما الفذ فليس له إلا أول الوقت ويخص الظهر بصلاة الهاجرة ليس للعصر فيه حظٌّ، فلا يلتفت إلى ما اختلف فيه ابن القاسم (٥) وأشهب (٦) فإن موضع العصر إبرادها.


(١) في م الثلاثة.
(٢) أخرجه أبو داود ١/ ٢٨٢، والنسائيي ١/ ٢٥١.
درجة الحديث: صحيح. كما قال الدكتور منصور العبدلي في مرويات ابن مسعود، رضي الله عنه, في الكتب الستة وموطّأ مالك ١/ ٤١٧.
(٣) متفق عليه البخاري في المغازي باب غزود الحديبية ٥/ ١٥٩، ومسلم في الجمعة، باب صلاة الجمعة حين نزول الشمس ٢/ ٥٨٩، وأبو داود ١/ ٦٥٤ كلهم عن سلمة بن الأكوع.
(٤) قال مالك في المدونة، من رواية ابن القاسم: أحب إليّ أن يصلي الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع.
وقال ابن حبيب: أول الوقت أحب إلينا الأوقات كلها للعامة في ذات أنفسها، فأما الأئمة في المساجد والجماعات فذلك على ما هو أرفق بالناس، ويستحب في الصف تأخير الظهر إلى وسط الوقت وما بعده قليلاً، ويستحب تعجيلها في الشتاء في أول الوقت حين تميل الشمس.
وقال ابن القاسم: الرجل في خاصة نفسه يستحب له تقديم الصلاة في أول الوقت إذ هو الأفضل. وقال أشهب: تأخير الظهر في الصيف والشتاء إلى أن يفيءَ الفيءُ زرعاً ثم قال. وهذا في غير الحر. أما في الحر فالإبراد بها أحب إلينا ولا يؤخر إلى آخر وقتها. المنتقى ١/ ٣١.
(٥) عبد الرحمن بن القاسم المصري الفقيه ١٢٨ - ١٩١هـ.
ت ت ٦/ ٢٥٢، الديباج ١/ ٤٦٥.
(٦) أشهب ١٤٥ - ٢٠٤.
أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي الفقيه المصري ت ت ١/ ٣٥٩ الديباج ١/ ٣٠٧، المدارك ٢/ ٤٤٧، وفيات الأعيان ١/ ٧٨.

<<  <   >  >>