للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تناقض في اجتماعهما والأظهر أنه يعود إلى القضاة بدليل ما أدخل بعده من حديث عمر في اقتران الملكين بالقاضي (١) وتسديده يفسر بذلك إجراء ما احتمله اللفظ أولاً (٢).

[باب الشهادات]

اعلموا وفقكم الله أن الشهادة ولاية من ولايات الدين فإنه تنفيذ قول الغير والأصل أن لا ينفذ قول أحد على أحد ولكن الله لما خلق الخلق للخلطة والمعاش والمعاملة وكتب عليهم ما علمته الملائكة فيهم من الفساد وسفك الدماء وجحد الحقوق والتوائها لذلك شرع الشهادة ونفذ بها قول الغير على وجه المصلحة للحاجة الداعية إلى ذلك إحياء للحقوق الدارسة وقد روى جماعة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لما خلق الله آدم ومسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذريته فعرضهم عليه فرأى منهم رجلاً حسن الوجه قصير العمر قال: من هذا يا رب قال ابنك داود عليه السلام (٣) قال له: يا رب ما أحسن وجهه وأكثر عبادته لولا قصر عمره ستين عاماً، قال له: زده أنت من عمرك فقال له آدم: يا رب عمري ألف أعط له منها أربعين تكمل له بها مائة قال. له: قد فعلت فلما كملت مدة آدم وجاء ملك الموت ليقبض روحه قال له قد بقيت لي أربعون عاماً قال له ألم تهبها لداود قال لا قال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فجحد آدم فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته) (٤)، وروي أنه قال ومن ذلك اليوم أمر بالكتاب والشهود (٥) ...............


(١) مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلم ويهودي فرأى عمر أن الحق لليهودي فقضى له فقال اليهودي: "والله لقد قضيت بالحق فضربه عمر بن الخطاب بالدرة ثم قال: وما يدريك، فقال له اليهودي: إنا نجد أنه ليس قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ويوفقانه للحق ما دام مع الحق فإذا ترك عَرَجا وتركاه"، الموطأ ٢/ ٧١٩، ولم أجد من أخرجه غير مالك وسماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب فيه خلاف والأكثر أنه لم يسمع منه قال الحافظ في ت ت ٤/ ٨٧ وقد وقع لي حديث صحيح لا مطعن فيه تصريح لسماعه من عمر.
(٢) في ت بعد هذا والله الموفق للصواب وعليه التوكل.
(٣) في ت فقال.
(٤) رواه الترمذي (٣٠٧٦) وقال حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٢٥ وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٥) رواه الترمذي من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة وفيه أن آدم قال: "أي رب فأني قد جعلت له من عمري ستين سنة قال أنت وذاك قال ثم أسكن الجنة ما شاء ثم أهبط منها فكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت فقال له آدم: قد عجلت قد كتب لي ألف سنة قال: بلى ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة فجحد =

<<  <   >  >>