للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الارتكاز، وهو الثبوت والاستقرار. قلنا الذي قال (وَفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) أخذ من المعادن الزكاة، والركاز إنما هو مال دُفن في الأرض فصار فيها مركوزاً، وأما المعادن فإنما هي من جملة الأرض ومن أجزائها وأبعاضها حتى تخلص منها (١).

تتميم: اختلف الناس هل في المال حق سوى الزكاة أم لا؟ فروي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: (في الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزكَاةِ) (٢) وتلا قول الله تعالى {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} إلى قوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} (٣) إلى آخر الآية .. ونزعوا بكل آية في القرآن تتضمن الإنفاق والعطاء والتصدق (٤)، والصحيح ما ذهب إليه فقهاء الأمصار


= والمعدن والبئر جبار ٣/ ١٣٣٤، والموطأ ٢/ ٨٦٨ - ٨٦٩، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٥٧ كلهم من حديث أبي هُرَيْرَة، رضي الله عنه، ان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْعَجْمَاءُ جبَارٌ وَالْبِئْر جُبَارٌ وَالْمَعْدن جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" لفظ البخاري.
(١) نقل الحافظ عن ابن بطال قوله: ذهب أبو حنيفة والثوري وغيرهما إلى أن المعدن كالركاز، واحتج لهم بقول العرب أرْكَزَ الرجل إذا أصاب ركازاً وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن. قال الحافظ: والحجة للجمهور تفرقة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره. فتح الباري ٣/ ٣٦٤.
(٢) رواه الترمذي من طريق أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: سَألتُ أوُ سُئِلَ النَّبِي، - صلى الله عليه وسلم -، عَنِ الزكَاةِ فَقَالَ .. قال الترمذي: هذا حديث إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة، ميمون الأعور، يضعف، وروى بيان ابن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله، وهذا أصح سنن الترمذي ٣/ ٤٨ - ٤٩، ورواه ابن ماجه بالإسناد الذي أخرجه به الترمذي بلفظ "لَيْسَ في الْمَالِ حَق سِوَى الزكَاةِ" سنن ابن ماجه ١/ ٥٧٠, والبغوي في شرح السنة ٦/ ٦٨، وأورده الخطيب التبريزي في المشكاة ١/ ٥٩٧، ورواه البيهقي في السنن الكبرى وقال: هذا حديث يعرف بأبي حمزة، ميمون الأعور كوفي، وقد جرَّحه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين فمن بعدهما من حفاظ الحديث، والذي يرويه أصحابنا في التعاليق: ليس في المال حق سوى الزكاة. قال: قلت فلست أحفظ فيه إسناداً. والذي رويت في معناه ما قدمت، وساق قبله ما عزاه لأبي داود في المراسي (مَنْ أدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَقَدْ أدَّى الْحَق الذي عَلَيْهِ وَمَنْ زَادَ فَهوَ أفْضَلُ) السنن الكبرى ٤/ ٨٤، أقول: الحديث فيه ميمون أبو حمزة الأعور القصّاب، مشهور بكنيته، ضعيف من السادسة/ ت ق. ت ٢/ ٢٩٢. وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ كثير الوهم، يروي عن الثقات ما ليس من حديث الإثبات، تركه أحمد بن حنبل وابن معين. المجروحين ٣/ ٥ - ٦، وانظر الميزان ٤/ ١٢٧ وت ت ١٠/ ٣٩٥.
درجة الحديث: ضعيف، ضعَّفه الشارح في الأحكام ١/ ٥٩، وفي العارضة ٣/ ١٦٣، وقبله الترمذي والبيهقي، كما تقدم.
(٣) سورة البقرة آية ١٧٧.
(٤) قال في الأحكام: كان الشعبي، فيما يؤثر عنه، يقول في المال حق سوى الزكاة، ويحتج بحديث يروى عن فاطمة بنت قيس أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال: (في الْمَالِ حَق سِوَى الزّكَاةِ) وهذا ضعيف لا يثبت عن الشعبي، ولا عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الأحكام ١/ ٥٩.

<<  <   >  >>