توفي والده في نهاية الرحلة، وقد أسف لذلك كثيراً ولا غرو فقد كان خير معين له طيلة هذه الرحلة الطويلة: ومعي صارم لا أخاف نَبْوَتَه وحصان لا أتوقع كبوته، أب في الرتبة وأخ في الصحبة، يستعين ويعين ويسقي من النصيحة بماء معين .... [شواهد الجلة ل ٢٧ أ].
وكانت وفاة والده في أوائل سنة (٤٩٣ هـ)[انظر الغنية ص ٦٧، الديباج ٢/ ٢٣٣، المرقبة العليا ص ١٠٦، الفكر السامي ٢/ ٢٢٢، وفيات الأعيان ٤/ ٢٩٦].
قلت. كل المصادر التي تعرَّضت لوفاة والده ذكرت أنه مات بالإِسكندرية لكن الذهبي يرجح أنه ببيت المقدس فقد قال: رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته أظن ببيت المقدس. [سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٩٩ والراجح أنه بالإِسكندرية كما تقدم].
مدَّة الرحلة:
لقد حددها ابن العربي نفسه فقال: وقد تجولت في تلك الأقطار الكريمة ودخلت تلك الأمصار العظيمة وجبت الأقطار القاصية نيفاً على عشرة أعوم. [العواصم ٢/ ٨٢].
ويقول في العارضة، وهو يتحدث عن خلفاء بغداد: المقتدي أدركته سنة (٤٨٦ هـ) وعهد إلى المستظهر أحمد ابنه وتوفي في المحرم سنة (٤٨٦ هـ)، ثم بايع المستظهر لابنه أبي منصور الفضل وخرجت عنهم سنة (٤٩٥ هـ). [العارضة ٩/ ٦٨ - ٦٩]. وينقل الضبي، في بغية الملتمس، ص ٨٣، عن أحد طلابه، وهو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمَّد، قال. لما رحلت إلى قرطبة قرأت على الحافظ أبي بكر ولزمته فسمعني ذات يوم أذكر الانصراف إلى وطني المرية فقال لي. ما هذا القلق، أَقِمْ حتى يكون لك في رحلتك عشرة أعوام كما كان لي.
[الخلاف في رحلة ابن العربي]
يرى البعض أن رحلة ابن العربي، وولده القاضي، كانت رحلة سياسية وأنهما خرجا موفدين من قبل يوسف بن تاشفين، ملك الدولة اللمتونية، وهذا رأي ابن خلدون.
فقد قال: لما محى رسم الخلافة وتعطل دستها وقام بالمغرب يوسف بن تاشفين، ملك لمتونة، فملك العدوتين، وكان من أهل الخير والاقتداء، نزعت به همته إلى الدخول في طاعة الخليفة كميلًا لمراسم دينه فخاطب المستظهر العباسي وأوفد عليه ببيعته عبد الله ابن العربي وابنه القاضي أبا بكر من مشيخة أشبيلية يطلبان توليته إياها على المغرب وتقليده