للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاستناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السادة عليه.

فقال: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، من أحصن منهم ومن لم يحصن) (١) خرّجه مسلم والنسائي وأبو داود وقال - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح والمتفق عليه، إذا زنَت أمة أحدكم فليحلدها الحد ولا يثرب (٢) (٣) وهذا نص، وليس للقوم عليه كلام ينفع فلا نطول بذكره في هذه العجالةِ وفي الأحاديث كلام ولبقايا هذا الباب أحكام.

مسائل القذف: لا خلاف أن الله سبحانه جعل الأعراض ثلث الدين في أبواب المنهيات، وصانها بالتغليظ فيها رجماً في الفرج فإنه من العَرضِ وحداً في النسب لأنه سبب من أسباب الأحكام فقال تعالى: (والذين يرمون المحصنات) (٤) الآية. فصَانَه بالحدِّ وقصَّر به عَن الزنا ليبين تفاوت المراتب في المعاصي والفحشاء والرمي الذي يوجب الحد كلما عاد إلى الفَرج وغير ذلك فيه الأدب من السب والإذاية إلا أن الشريعة ألحقت حكم الولاء بحكم الفرج في أن جعلتها قطعةً منه لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح (الولاء لحمة كلحمةِ النسب) فإذا وقع النفي فيه جرى الحدَّ عليهِ إنزالًا له في تلك المنزلة وزاد مالك على الفقهاء التعريض، فجعل له حكم التصريح فقال لأنه قول يفهم منه القذف فوجبَ فيه الحد لأن أصله التصريح، لا سيما والكناية عند العرب أبلغ في التخاطب من التصريح وخالف في ذلك الشافعي وأبو حنيفة وفي ذلك منهما عجبان عظيمان، أما أحدهما فلا عذر للشافعي في إسقاط الحد في التعريض لأنه عربي فصيح لم يخف عليه ما في


(١) أخرجه مسلم في الحدود باب تأخير الحد عن النفساء (١٧٠٥) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال خطب علي فقال يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن فإن أمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحسنت.
ورواه أبو داود في الحدود (٤٤٧٣) والترمذي (١٤٤١) وقال حسن صحيح وعزاه المنذري للنسائي كعزو الشارح.
(٢) لا يثرب يعني لا يعير والتثريب التعيير. شرح السنة ١٠/ ٢٩٨.
(٣) متفق عليه البخاري في البيوع باب بيع المدبر ٣/ ١٠٩ وفي باب بيع العبد الزاني ٣/ ٩٣ ومسلم في الحدود باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا حديث (١٧٠٣ و ١٧٠٤) والموطأ ٢/ ٨٢٦ وأبو داود (٤٤٦٩ و٤٤٧٠ و ٤٤٧١) والترمذي (١٤٤٠).
(٤) سورة النور آية (٤)

<<  <   >  >>