للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حديث العرايا: فإن صدمته قاعدة الربا عضدته قاعدة المعروف.

وأما باب الجائحة في الثمار (١)

فهي مسألة انفرد بها مالك دون سائر فقهاء الأمصار وهي مسألة تنبني عليها القاعدة الخامسة في العرف وعلى القاعدة العاشرة في المقاصد والمصالح ونحن ننبهكم عليها بعد أن نذكر حكم (٢) الثانى المعظم فيها. روى مسلم في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح (٣) فإذا ثبت هذا الأصل فالذي ينفي عنه اعتراضات المخالفين وتأويلاتهم مرده إلى قاعدة المقاصد والمصالح والعرف الجارية عليه الأحكام الشرعية فنقول من حكم عقد البيع أن يتنزل المشترى منزلة البائع في المبيع ملكًا بملك وحالًا بحال ومنفعةً بمنفعةٍ. وإذا اشترى الثمرة بعد بدو صلاحها من صاحبها فذلك محمول على حال البائع فيها وعلى عرف الناس في العمل بها وهو أن يقبضها ملكًا بملك وحالًا بحال ولا يجوز أن يقال إن عليه أن يجدها جملة لأن البائع لها لما لم يكن حاله كذلك فيها ولأن المقصود والمعتاد والمصلحة لا تقتضي ذلك فيها فإذا نزلت الجائحة عليها من غير تفريط من المشتري في اقتضائها مصيبة نزلت قبل القبض فلا كلام لأحدٍ من المخالفين عليها بيد أن المتقدمين من علمائنا اختلفوا في نكتة وهي أن الجائحة المكتسبة هل تساوي الجائحة الواقعة بالقدرة الإلهية أم لا، وصورتها أن نزول الجيش على البلد وإفساده للثمار هل يساوي هبوب الضرر ووقوع البرد أم لا وهي مسألة نظرية وقد حققناها في مسائل الفروع (٤).


= بداية المجتهد ١/ ٣١ وانظر الاستذكار لابن عبد البر ١/ ٢٥٨ تفسير القرطبي ٦/ ٦٩ مقدمات ابن رشد الجد ١/ ٩١.
(١) الموطأ ٢/ ٦٢١
(٢) زيادة من ج وك.
(٣) مسلم في المساقاة (١٥٥٤) باب وضع الجوائح من حديث جابر بن عبد الله أن النبى - صلى الله عليه وسلم - (أمر بوضع الجوائح).
(٤) هذا الخلاف الذي أشار إليه الشارح فصله الباجي فقال اختلف أصحابنا في معى ما يوضع من الجوائح فعند ابن القاسم أن ما لا يستطاع دفعه وإن علم به فإنه يكون جائحة ولا يستطاع دفعه إن علم به فلا يكون جائحة كالسارق قاله في كتاب ابن المواز وهو مذهب ابن نافع في المدونة وروى ابن القاسم في المدونة أن كل ما أصاب الثمرة بأي وجه كان فهو جائحة سارقًا كان أو غيره، وقال مطرف وابن الماجشون لا يكون جائحة إلّا ما أصاب الثمرة من السماء من عفن أو برد أو فساد بحر أو برد أو بكسر الشجر وأما ما كان من صنع آدمي فيبس =

<<  <   >  >>