للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصراني في كرمك إلا إذا أمنت أن يعصره خمراً (١) والنبى - صلى الله عليه وسلم - قد ساقى أهل خيبر كلهم وهم كفار بأجمعهم وفيهم من لا يؤمن أن يتخذ من ثمره خمراً بل جميعهم لا يؤمن عليه ذلك فصح أن هذه الرواية في نهاية الضعف.

[باب كراء الأرض]

مسألة كراء الأرض مسألة عويصة لها صور وغوائل اختلف العلماء فيها من لدن الصحابة إلى زماننا هذا واضطربت فيها الأحاديث اضطراباً كثيراً وباحثت عليها (٢) قديماً أثراً ونظراً فما وجدت من أتقنها إلا أبا عبد الرحمن النسائي (٣) فإنه جمع أحاديثها باختلافها وطرقها في جزء كبير وجملة الأمر أن علماءنا قالوا لا يجوز كراء الأرض بطعام وإن كان مما لا تنبته الأرض وقال الشافعي يجوز بحفظه في الذمة (٤) وقال أبو حنيفة يجوز بكل ما كان ثمناً في المبيع وقال الليث يجوز بجزء معلوم مما يخرج منها وقال غيره يجوز بجزء مجهول مثل أن يقول ولي ما تنبته هذه البقعة منها ويعينها وقيل لا يجوز كراؤها بحال (٥) وفي كل ذلك حديث وأثر فأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها: (من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه) (٦) وهو صحيح ويعارضه (٧) مثله في الصحة وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرافع: (ما تصنعون بأرضكم قال نكريها بالربع وبالأوسق من التمر قال: لا تفعلوا أزرعوها أو ازرعوها) (٨). وأما قول


(١) المدونة ٤/ ١١.
(٢) في م وعنها.
(٣) هو أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي أبو عبد الرحمن محدث حافظ ولد بنسا ٢١٥ ومات بمكة سنة ٣٠٣. له ترجمة في سير أعلام النبلاء ١٤/ ١٢٥، تهذيب الكمال ١/ ٢٣، المنتظم ٦/ ١٣١، الكامل في التاريخ ٨/ ٩٦، وفَيات الأعيان ١/ ٧٧ - ٧٨، تهذيب التهذيب ١/ ٣٦.
(٤) قال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتاً معلوماً جائز بالذهب والفضة روينا هذا القول عن سعد بن أبي وقاص ورافع بن خديج وابن عمر وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الله بن الحارث وأبو جعفر ومالك والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال أحمد قل ما اختلفوا في الذهب والورق. الأشراف ص ١٥٨ وانظر المعنى ٥/ ٣١٨.
(٥) حكى ابن قدامة في المغنى الأقوال في المسألة ونسبها إلى أصحابها فانظره -٥/ ٣١٩.
(٦) متفق عليه البخاري في المزارعة باب ما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضا بعضاً في الثمرة ٣/ ١٤١، ومسلم في البيوع باب كراء الأرض (٨٧ - ٨٨) من حديث جابر.
(٧) في م وج فيعارضه.
(٨) متفق عليه البخاري في الحرث والمزارعة باب ما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضاً فى الزراعة =

<<  <   >  >>