للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما جاء في الحياء]

أدخلَ مالك رضي الله عنه قوله (الحياء من الإيمان) (١). قال علماؤنا، إنما صَار من الإيمان المكتسب وهو جبلّة لما يفيد من الكف عما لا يحسن، فعبّر عنه بفائدته على أحد قسمي المجاز.

[ما جاء في الغضب]

أدخل مالك رضي الله عنه حديث حارثة بن قدامة المرسل عن حميد بن عبد الرحمن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (لا تغضَب) (٢)، قال علماؤنا: إنما نهاه عما علم أنه هواهُ، كما قال لوفد عبد القيس: (لا تشربوا مسكراً) (٣) وترك بيان سائر المعاصي، وإنما كان ذلك لأن المرء إذا ترك ما يشتهي كان أجدر أن يترك ما لا يشتهي وخصوصاً الغضب فإن من ملك نفسه عنده كان شديدًا سديدًا وإذا ملكها عند الغضب كان أحرى أن يملكها عند الكبر والحسد وأخواتهما.

بابُ المهاجَرةِ

إن الله تعالى خلق الخلق أشتاتاً في الأهواء لأنه خلقهم من أشتاتٍ في الابتداء ثم دعاهم إلى التآلف وذلك ضد ما جبلهم عليه لأنه تعالى هو الداعي وهو الميسر وهو الخالق لكل شيء المقدر له، فإذا يسَّرك لما أمرك فقد أدركته، وإذا حال بينك وبينه فقد فات وكل


(١) مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دعه فإن الحياء من الإيمان) الموطأ ٢/ ٩٠٥ والبخاري في كتاب الإيمان باب الحياء من الإيمان ١/ ١٢ ومسلم في كتاب الإيمان باب شعب الإيمان حديث (٥٩).
(٢) مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلاً أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله علمني كلمات أعيش بهن ولا تكثر علي فأنسى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تغضب) الموطأ ٢/ ٩٠٥ وأخرجه البخاري عن أبي صالح عن أبي هريرة في كتاب الأدب باب الحذر من الغضب ٨/ ٣٥.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب أداء الخمس من الإيمان ١/ ٢١ ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بالإيمان بالله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وشرائع الدين والدعاء إليه حديث رقم (١٧) وفي آخر الحديث ونهاهم عن أربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت وربما قال المقير وقال احفظوهن واخبروا بهن من وراءكم. لفظ البخاري.

<<  <   >  >>