كان، رحمه الله، من العلماء المجاهدين في الله لإعلاء كلمة الله فكان، رحمه الله، يحث الحكام والمحكومين على الجهاد ويشارك في كل المعارك.
وعندما حصلت المواجهة بين المسلمين والصليبيين في معركة (كتندة)، من أعمال سرقسطة ببلاد الأندلس، سنة (٥١٤ هـ) قام المسلمون جميعاً يقودهم الأمير إبراهيم بن يوسف بن تاشفين وكانت هذه المعركة من أشدّ المعارك على المسلمين، وقد اشترك فيها القاضي ونجا فيها بفضل الله.
يقول عن ذلك ابن الأبار: يوم (كتندة) المشهور بالثغر الأعلى، يوم الخميس لست بقين من ربيع الآخر من تلك السنة (أي سنة ٥١٤ هـ)، وحقت على المسلمين الهزيمة .. وقد قتل فيها من المتطوعة نحو عشرين ألفاً، ولم يقتل فيها من العسكر، يعني الجند، أحد .. وكان القاضي أبو بكر بن العربي حضرها وسئل عن تخلّصه منها عن حاله فقال: حال من ترك الخباء والعباءة [المعجم لابن الأبار ص ٤ - ٥].
ويشير، رحمه الله، إلى دوره البارز في تحريض المسلمين على الجهاد في حادثة أخرى بعد الحادثة الأولى بثلاث عشرة سنة، وبالتحديد سنة (٥٢٧ هـ).
فيقول: ولقد نزل بنا العدو: قصمه الله، سنة سبع وعشرين وخمسمائة، فجاس ديارنا وأسر جيرتنا وتوسَّط بلادنا في عدد هال الناس عددُه وإن لم يبلغ ما حدَّدوه فقلت للوالي والمولى عليه: هذا عدوُّ الله وقد حصل على الشرك والشبكة فلتكن عندكم بركة، ولتظهر منكم إلى نصرة دين الله المتعينة عليكم حركة، فليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع هذه الأقطار فيخاطبه فإنه هالك لا محالة، إن يسَّركم الله له، فغلبت الذنوب ووجفت القلوب بالمعاصي، وصار كل أحد ثعلباً يأوي إلى وجاره وإن رأى المكروه بجاره، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل ...
فكيف بنا وعندنا عهد الله ألَّا نسلم إخواننا إلى الأعداء، وننعم وهم في الشقاء، وأن نملك بالحرية وهم أرقاء يالله لهذا الخطب الجسيم نسأل الله التوفيق للجمهور والمنة بصلاح الأمر والمأمور. [الأحكام ٢/ ٩٥٥ - ٩٥٦].
وفي سنة ٥٢٢ هـ خرج مع الأمير أبي بكر بن يوسف بن تاشفين للغزو في الثغور الشرقية للأندلس. انظر التكملة ص ١/ ٣٥٠.