للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك علامة على الهلكة أوالنجاة ولأجل هذا ما جعل تعالى في الهجرة ثلاثاً لأن المرء في ابتداء الغضب مغلوب فرخص له في التمادي على حاله حتى يسكن غضبه بالاغتسال كما جاء في الحديث (١) أو بالفتور مع التمادي كما جرى في العادة. حديث: قوله: (لا تحاسدوا) (٢) إلى آخره أما قوله (لا تباغضوا)، فالبغض هو كراهة المرء أو صفاته وأما الحسد فهو تمني نقل النعمة من غيرك إليك، وأما التدابر فهو اختلاف الأهواء والمقاصد وهي الحالقة، فإن صلاح ذات البين بها تقوم شعائر الإِسلام من الصلاة والحج وبها تحمى البيضة بالاجتهاد والنصرة وبها تجمع حقوق الفقراء من أيدي الأغنياء.

[تبيين]

قال مالك رضي الله عنه: لا أحسب التدابر إلَّا الإعراض (٣) "قال القاضي: ما كان أغوصه على المقاصد وما كان أعرفه بالمصالح" (٤)، أصل الفساد البغض، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه وينشأ عن البغض:

[الإعراض]

وهو أول درجات التدابر ويترتب على الإعراض اختلاف الأهواء ومروج الأمورِ، ففسّره مالك رضي الله عنه بالإعراض وهو الأولى حتى إذا اجتنب وكان الإقبال ترتب عليه اتفاق الأهواء، وأما الظن فهو حديث النفس عما يتوهمه المرء، فإن كان عن دليل فالعمل


(١) رواه أبو داود في سننه (٤٧٨٤) من حديث، عروة بن محمَّد بن عطية بن عروة السعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ). ورواه أحمد في المسند ٤/ ٢٢٦ والبغوي في شرح السنة ١٣/ ١٦١ وهو حديث ضعيف لأن فيه عروة بن محمَّد لم يوثقه غير ابن حبان قال الحافظ عروة بن محمَّد بن عطية السعدي عامل عمر بن عبد العزيز على اليمن مقبول من السادسة مات بعد العشرين ومائة التقريب ص ٣٨٩ وانظر ت ت ٧/ ١٨٧.
ووقع في ضعيف الجامع الصغير وزياداته تحقيق الشيخ ناصر عطية العوفي بدل عطية السعدي وهو تحريف.
(٢) مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) الموطأ ٢/ ٩٠٧ وأخرجه البخاري في كتاب الأدب باب الهجرة وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ٨/ ٢٥ ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب النهي عن التحاسد حديث (٢٥٥٩).
(٣) قال مالك لا أحسب التدابر إلَّا الإعراض عن أخيك المسلم فتدير عنه بوجهك. الموطأ ٢/ ٩٠٧.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل وهو في بقية النسخ.

<<  <   >  >>