للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحج مخصوص لا يقاس عليه. ألا ترى أنه إذا أفسده يلزمه المضي فيه ويأتي بمناسكه كما يأتي في الحج الصحيح، بخلاف الصلاة فإنه لو أفسدها ما مضى فيها فانقطع هذا الإلحاق فلا يعوَّل عليه.

[حكم الفطر في رمضان علة]

أما المريض (١) والمسافر (٢) فقد تقدما، وأما الحائض فتقضي الصوم دون الصلاة للأثر الصحيح (٣). وأما الذي لا يقدر على الصيام من كبر فقد اختلف الناس في وجوب الفدية عليه (٤)، وقد بيَّنَّا أن قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أو يطوقونه كيفما قرئ منسوخ على ما ثبت في الحديث الصحيح (٥)؛ فليس على العاجز عن الصيام من الكبر فدية لأنه لم يتوجه عليه خطاب فيفتدي مما لزمه (٦). وأما الحامل والمرضع فعن مالك،


= أشبه هذا من الأعمال الصالحة التي يتطوع بها الناس فيقطعه حتى يتمه على سننه ...
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) متفق عليه، البخاري في الحيض باب لا تقضي الحائض الصلاة ١/ ٨٨، ومسلم في الحيض باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة ١/ ٢٦٥، وأبو داود ١/ ١٨٠، والترمذي ١/ ٢٣٤، وقال: وهو قول عامة الفقهاء لا اختلاف بينهم في الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، والنسائي ١/ ١٩١، وابن ماجه ١/ ٢٠٧ كلهم عن عائشة قالت (كَانَ يُصِيبُنَا ذلِكَ فَنؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصلاة)، لفظ مسلم.
(٤) قال ابن قدامة: الشريخ الكبير والعجوز إذا كان يجهدهما الصوم ويشق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكيناً، وهذا قول ابن عباس وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي.
وقال مالك: لا يجب عليه شيء لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فدية؛ كما لو تركه لمرض اتصل به الموت، وللشافعي قولان كالمذهبين. المغني ٣/ ١٥١.
(٥) مسلم في كتاب الصيام باب بيان نسخ قوله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ٢/ ٨٠٢ من حديث سلمة بن الأكوع، وانظر تفسير ابن جرير ٢/ ٧٧، ومختصر ابن كثير ١/ ١٥٩، وأحكام القرآن للطبري ١/ ١٠٠.
(٦) قال ابن عبد البر: والصحيح في النظر قول مالك ومن وافقه أن الفدية لا تجب على من لا يطيق الصيام لأن الله لم يوجبه على من لا يطيقه، والفدية لم تجب بكتاب ولا سنة صحيحة ولا إجماع، والفرائض لا تجب إلا بهذه الوجوه والذمة برئة. نقلاً عن شرح الزرقاني ٢/ ١٩٢، وانظر المحصول في علم الأصول ل ٥٠ ب للشارح.

<<  <   >  >>