للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أذناب غنم المشرق فإنها هي المقصودة من الحيوان؛ إذ سمن الغنم كلها، في تلك البلاد، في أذنابها, ولذتها في تلك الشحوم حتى ترى الشاة لا تستطيع المشي لعظم ذنبها. فبهذا المعنى راعى العلماء الذنب وتكلَّموا عليه، فأما بلادنا فلو عدم الذنب كله ما أثَّر إلا في الجمال خاصة. ووقع في الموطأ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ (أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي فِي الضَّحَايَا وَالْبُدُنِ الَّتي لَمْ تُسنّ) (١). وفي التأويلات أصحها ما لم تبلغ السن الذي يجزىء في الأضحية، وذلك الجذع من الضأن وهو ما دخل في السنة الثانية، والثني من المعز وهو ما دخل في السنة الثالثة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لأبي بردة: "تُجْزِيكَ وَلَا تُجْزِي لِأحَدٍ مِنْ بَعْدِكَ" (٢). وجاء في الحديث أنه ضحَّى (٣) بعتود، وولد الغنم ساعة ما يولد سخلة ثم يقوى فيكون بهيمة ثم يزداد فيكون جفراً ثم يستقل فيكون عتوداً.

[وقت الأضحية]

من أعجب ما ورد في ذلك قول (ش): إنه يجوز الذبح قبل صلاة الإِمام (٤) مع أن النصّ في ذلك من كل طريق وعند كل فريق ولو لم يكن إلا حديث أبي بردة ابن نيار قال له النبي, - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذبح قبل الصلاة: "تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ" وأمره أن يعيد، وكذلك القديم (٥) ابن أشقر، والأمر أقوى من ذلك وأشهر. فأما ما عدا اليوم الأول فإن العلماء اختلفوا في ذلك


(١) الموطأ ٢/ ٤٨٢ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ كَانَ (يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدُنِ الَّتِي لَمْ تُسِنّ).
درجة الأثر: صحيح.
(٢) متفق عليه. البخاري في العيد باب التكبير للعيد ٢/ ٢٤، وفي باب سنة العيدين لأهل الإِسلام ٢/ ٢٠، وفي باب الأكل يوم النحر ٢/ ٢١، وفي باب الخطبة بعد العيد ٢/ ٢٣ وغير ذلك، ومسلم في الأضاحي باب وقتها ٢/ ١٥٥٢ - ١٥٥٤ بعدة روايات عن البراء بن عازب.
(٣) متفق عليه. البخاري في الشركة باب قسمة الغنم والعدل فيها ٣/ ١٨٤، وفي الأضاحي باب أضحية النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بكبشين أقرنين ٧/ ١٣١، ومسلم في الأضاحي باب سن الأضحية ٣/ ١٥٥٦ كلاهما من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيّ، - صلى الله عليه وسلم -، أَعْطَاهُ غَنَماً يُقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا فَبَقِيَ عَتود فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: ضَحِّ أَنْتَ بِهِ.
(٤) انظر المجموع للنووي ٨/ ٣٨٩.
(٥) في (ك) و (م) و (ص): تقويم من اشقر، والعبارة غير واضحة لدي ولم أجد في الصحابة من يقارب هذا إلا قرة بن اشتر الجذامي ثم الضبابي الغفاري. ذكره ابن إسحاق فيمن كان مع زيد بن حارثة في غزوة =

<<  <   >  >>