للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يتساحل به وحائض الزحف في ملتحم القتال والتعرض للحتف، وهي مسألة من مسائل الخلاف وقد بيناها هنالك، وهي أظهر من أن يدل عليها.

فهذه أصول أحكام الوصايا يربط ما وراءها بها وقد ذكرتُ فروعها في كتب علمائنا بما يدخل عليها من قواعد الولايةِ والجهالةِ والقسمة والترجيح لشخصٍ على شخصٍ إلى غير ذلك من عَوارضها فليرد كل فرع إلى أصله وليغلب الأقوى من الأصول عند التعارض حسب ما بيناه في كتاب الترجيح.

ما جاء في المؤنث من الرجال (١)

ذكر مالك حديث المخنث الداخل على أم سلمة (٢) إلى آخر قولهِ. وهذا المخنث اسمه هيت (٣) وهو مولى عبد الله بن أبي أمية: دخل على أم سلمة وعبد الله عندها فقال له وهم محاصرو الطائف: إنْ فتحَ الله عليكم الطائف غداً فإني أدلك على باذنة (٤) (بالنون) بنت غيلان فإنها تقبلُ بأربع وتدبر بثمانٍ، إن جلست تثنت وإن قامت تثنت وإن تكلمت تغنّت، بين شكول النساء خِلقتُها، لا قصرٌ شأنها ولا قصفُ، تغترق الطرفَ وهي لاهية، كأنما شف وجهها نزفٌ. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد غلّظتَ النظر يا عدوّ الله)، ثم قال لنسائه: (لا يدخلنَ هذا عليكم) (٥). قال علماؤنا رحمة الله عليهم: كان دخوله في غزوة


(١) الموطّأ ٢/ ٧٦٧.
(٢) متفق عليه أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة الطائف ٥/ ١٩٨ وفي النكاح باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة ٧/ ٤٨، ومسلم في كتاب السلام باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب (٢١٨٠)، والموطأ مرسلًا ٢/ ٧٦٧ من حديث أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عندها وفي البيت مخنّث فقال المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية إن فتح الله لكم الطائف غداً أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يدخلن هذا عليكن) لفظ البخاري وأخرجه أيضًا أبو داود (٤٩٢٩)، وابن ماجه (١٩٠٢)، وأحمد في المسند ٦/ ١٥٢.
(٣) قال الحفاظ هيت اسمه وهو بكر الهاء وبسكون التحتانية بعدها مثناة وقد ضبطه بعضهم بفتح أوله. فتح الباري ٨/ ٤٤ وانظر الإصابة ٦/ ٢٩٦ فيها ترجمة وافية له.
(٤) قال الحافظ اختلف في ضبط بادية الأكثر بموحدة ثم تحتانية وقيل بنون بدل التحتانية حكاه أبو نعيم. وقد ذكر ابن إسحاق أن خولة بنت حكيم قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن فتح الله عليك الطائف أعطني حلى بادية بنت غيلان وكانت من أحلى نساء ثقيف. فتح الباري ٩/ ٣٣٥.
(٥) أما الحديث الصحيح فهو إلى قوله وتدبر بثمان وأما غير ذلك فهو من زيادات محمد بن عمرو الواقدي كما سيأتي

<<  <   >  >>