للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغرِبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أمْرُ الله" (١).

والله أعلم هل أرادكم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، معشر المرابطين أو أراد بذلك جملة أهل المغرب وما

هم عليه من التمسك بالسنة والجماعة وطهارتهم من البدع والإِحداث في الدين، وإنَّا لنرجو أن تكونوا أوليِ بقية ينهَوْن عن الفساد في الأرض. ولقد كنّا في الأرض المقدسة، جبر الله مصابها، تترى علينا أخبارك وما قمت به من أداء فريضة الله تعالى في جهاد عدوّه وإعزاز دينه وكلمته ..

ولئن كنت تستنصر لك بجنود أهل الأرض فلقد كنا نستنصر لك بجنود أهل السماء حتى قدم علينا الأرض المقدسة أبو محمَّد بن العربي وابنه الفقيه الحافظ أبو بكر، فذكروا من سيرتك في جهاد العدو، وصبرك على مكافحته ومصابرته وإعزازك للدين وأهله والعلم وحملته، حتى تمنينا أن نجاهد الكفار معك ونكثر سواد المسلمين في جملتك. وينهي الطرطوشي رسالته بالتنويه بمكانة تلميذه أبي بكر ويوصي الأمير به وأن يشد يديه عليه.

والفقيه أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن العربي ممن صحبنا أعواماً يدارس العلم ويمارسه، بلوناه وخبرناه وهو ممن جمع العلم ووعاه، ثم تحقق به ورعاه وناظر فيه وجدّ حتى فاق أقرانه ونظر آراءه ثم رحل إلى العراق فناظر العلماء، وصحب الفقهاء، وجمع من مذاهب العلم عيونها، وكتب من حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وروى صحيحه وثابته والله يؤتي الحكمة من يشاء. وهو وارد عليك بما يسرُّك فاشددْ عليه يديك واحفظْ فيه، وفي أمثاله، وصية الله سبحانه لنبيه عليه السلام: {وإذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرحْمَةَ}، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته (٢).

وقد توجَّه ابن العربي، في بداية أمره، إلى مراكش، عاصمة الدولة المرابطية، واستقبله الأمير يوسف بن تاشفين بكل ترحاب، وتسلم منه الرسائل الموجهة إليه، ثم عاد إلى إشبيلية وطنه معزَّزاً مكرَّماً، وهناك بدأ يناظر ويدرس وينشر ما حصل عليه من علم.

[نتائج الرحلة]

لم يهمل ابن العربي الحديثَ عن هذه الرحلة وما استفاده فيها من مشافهة العلماء،


(١) متفق عليه البخاري ٩/ ١٢٤ - ١٢٥ ومسلم ٣/ ١٥٢٣.
(٢) شواهد الجلة ل ٦ - ١٠، مخطوط الخزانة العامة بالرباط ١٠٢٠

<<  <   >  >>