للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصلحة وهي أحد أركان أصول الفقهِ على ما بيناه (١)، وذلك أنّا نقول وهو يجمع المسألتين في دليلٍ واحدٍ أن المصلحة تقتضي إذا سرق أن تقطع يمينه التي بها تناول ما لا يحل له تنقيصاً لبطشه، الذي جعله الله له قوةً، على الطاعة، فصرفه في المعصية، فإذا عاد إلى السرقةِ ثانيةً، اقتضت المصلحة أن ينقّص سعيه الذي به توصل إلى البطش ليستوفي منه حق العقوبة، ويبقى له في البطش جارحة فإذا عاد الثالثة إلى السرقة تبينا أن بطشه فسد بتعديه، فإذا سرق الرابعة تبينا أن سعيه فسدَ بتعديه، فإذا سرَقَ الخامسة تبينا أنها نفسٌ خبيثة لا تتعظ بنفسها ولا ترتدع بآفات جوارحها فلم يبق إلَّا إتلافها.

المعقد الثالث عشر: لم يخف على ذي لبٍ أن الله إنما وضع هذه العقوبات في الأبدان روادع وزواجرَ، فهِمَ ذلك الخلق من تنبيه الله لهم عليهِ، وتعريفهم به ولذلك قلنا إن الجماعة إذا قتلوا الواحد قتلوا به حفظاً لقاعدة الدماء لئلا يستعين الأعداء بالجماعة على الأعداء، فيبلغوا فيهم (٢) غرضهم في التشفي وتسقط عنهم عقوبة القصاص وهذا المعنى يقتضي أن الجماعة إذا سرقوا حرزًا يقطعوا جميعهم حفظاً لقاعدة الأموال لئلا يستعين الفسقةُ على أخذ الأموال بالاشتراك رجاء سقوط القطع.


(١) قدم الكلام على المصلحة المرسلة.
(٢) زيادة من ج.

<<  <   >  >>