للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما القضاء فلم يفعله أيضاً بأصل وجوب استقر في ذمته وإنما كان ليظهر صدقه فيما أخبر به من دخول البيت والطواف والسعي فيه، وليبلغ أمله من إخزاء المشركين فأما من صده المشركون عن حجه فأجره قائم وحجه تام، وقد بيَّنا ذلك في كتب المسائل. فأما المريض فلا يحله إلا البيت الذي قصد إليه لأنه يتفق أن يحمل فإن تعذر ذلك أو وقع اليأس فهو مثل الأول (١).

[الصلاة بعد الصبح وبعد العصر في الطواف]

روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يَا بَني عَبْدِ الْمُطَّلِب، يَا بَني عَبْد مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أحَداً طَافَ بِهذَا الْبَيْتِ أنْ يُصَلَّيَ إيةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْل أوْ نَهَارٍ" (٢)، وروى/ أبو ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشمس، وَلاَ صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتى تَغْربَ الشَّمس إِلَّا بِمَكَةَ" (٣). فلما كان هذا الحديث مروياً ولم تصح طرقه أدخل مالك، رضي الله عنه، فعل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، (حِينَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَالشمسُ لَمْ تَطْلُع ورَحَلَ حَتَّى صَلَّاهَا بِذِي طُوًى) (٤)؛ فكان فعل عمر في الصحابة، وهو الخليفة المهدي، أولى من ذلك الحديث المروي ولو كانت تلك الوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم -، متقدمة وذلك الحديث عن أبي ذر صحيحاً لكان بمكة مشهوراً ولما خفي على عمر حاله (٥).


(١) هذا مذهب عبد الله بن عمر وإليه مال مالك؛ فقد روى في الموطأ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ (الْمُحْصَرُ بِمَرَض لا يَحِلُّ حَتى يَطُوفَ بِالْبيتِ وَيسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) الموطأ ١/ ٣٦١ وهو أيضاً مذهب الشافعي وأحمد. انظر الإفصاح لابن هبيرة ١/ ٣٠٠.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) الموطأ ١/ ٣٦٨ عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القارئ أخبره ..
درجة الأثر: صحيح.
(٥) هذه مسألة مختلف فيها بين الأئمة وقد أجمل البغوي القول فيها فقال: اختلف أهل العلم في الرخصة في صلاة التطوع في هذه الأوقات الثلاثة، بمكة فذهب قوم إلى جوازها بعد الطواف إذا طاف في شيء من هذه الأوقات يصلي بعده ركعتين، روي عن ابن عباس .. وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقيل الرخصة عامة في جميع التطوعات لأنه روي في حديث أبي ذر إلا بمكة وذلك لفضيلة البقعة .. =

<<  <   >  >>