للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه، ولا تعجب من (ح) (١) في هذا، وأعجب من بعض علمائنا حيث يقول: إن صغار ما يقتل كباره من هذه الفواسق لا يقتل لأنه لم يؤذِ بعد (٢)، وكيف تكون الأذاية جبلَّته وينتظر به وجودها؟ وقد قتل الخضر عليه السلام الغلام (٣) ولم توجد بعد منه فتنة فهذا أولى، وقد قال الله تعالى في الكفار {وَلَا يَلِدُوا إلَّا فَاجِراً كفّاراً} (٤). فكيف في هذه الفواسق؟

من أحصر بعدو (٥)

الأصل في هذا الباب حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، يوم الحديبية (٦)، وفيه نزلت الآية (٧) واختلف الناس فيها اختلافاً كثيراً؛ فمنهم من قال: الآية تتضمن المريض يقال: أحصر بالمرض وحصر بالعدو (٨)، ومنهم من قال: الآية في العدو (٩) لا في المريض، ومنهم من


(١) مذهب الأحناف في هذه المسألة؛ فقد قال العيني: أصحابنا اقتصروا على الخمس إلا أنهم ألحقوا بها الحية لثبوت الخبر والذئب لمشاركته للكلب في الكلبية، وألحقوا بذلك ما ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها، وقال بعضهم: وتعقب بظهور المعنى في الخمس وهو الأذى الطبيعي والعدوان المركب، والمعنى إذا أظهر في المنصوص عليه تعدى الحكم إلى كل ما وجد فيه ذلك المعنى .. عمدة القارئ ١٥/ ١٨٢. وقال الطحاوي: اتفق العلماء على تحريم قتل البازي والصقر، وهما من سباع الطير، فدل ذلك على اختصاص التحريم بالغراب والحدأة وكذلك يختص التحريم بالكلب وما يشاركه في صفته وهو الذئب. نقلاً عن فتح الباري ٤/ ٣٩.
(٢) نقل ذلك عن ابن القاسم وأشهب الباجي في المنتفى ٢/ ٢٦٢.
(٣) سورة الكهف آية ٧٤، قال تعالى: {حَتى إذا لَقيَا غُلامَاً فَقَتَلَه}.
(٤) سورة نوح آية ٢٧.
(٥) ذكر مالك تحت هذه الترجمة قوله: مَنْ حُبِسَ بِعَدوَ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَإنهُ يَحِلُّ مِنْ كُل شَيْءٍ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيحْلِقُ رَأْسَهُ حَيُثُ حُبِسَ. وَلَيْس عَلَيْهِ قَضَاءٌ ... الموطأ ١/ ٣٦٠.
(٦) متفق عليه. البخاري في المغازي باب غزوة الحديبية ٥/ ١٦٢ - ١٦٣، ومسلم في الحج باب جواز التحلل بالإحصار وجواز القرآن ٢/ ٩٠٣، والموطأ ١/ ٣٦٠ كلهم عَنْ ابنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إلى مَكةَ معْتَمِراً في الْفِتنةِ: إنْ صدِدتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كما صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَأهَلْ بِعمْرَةٍ مَنْ أجْلِ أنَّ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، أهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيةِ.
(٧) يقصد، والله أعلم، بالأية قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} سورة الفتح آية ٢٥.
(٨) يطالع الأحكام ١/ ١١٩ و ٣/ ٧٠٦.
(٩) قال الحافظ: صح ذلك عن ابن عباس. أخرجه عبد الرزاق عن معمر، وأخرجه الشافعي عن ابن عيينة =

<<  <   >  >>