كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

باب السترة - مزلة قدم - ص: 343

الآدمي شيطانًا، ولكنه لمَّا أراد أن يفعل فعل الشيطان في الشغل عن الصلاة، وقطع المرء عن العبادة، جعل له مثلًا فكان تقدير الكلام فإنما هو شيطان شغلاً عن الصلاة وقطعًا كما تقول زيد البدر حسنًا وعمرو الأسد إقدامًا، والذي يبيّنه ما رواه مسلم عن ابن عمر في هذا الحديث بعينه قال فيه (فَإِنْ أَبَي فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّ مَعَهُ الْقِرْنَيْنِ) (١) إشارة بأن صاحبه من الشياطين هو الذي قاده إلى هذا ليقطع صلاته.

ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم - "أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَة شَيْطَانٌ، قِيلَ لَهُ وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: وَلاَ أَنَا إِلَّا أَنَّ الله أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فلا يَأَمُرَنِي إِلَّا بِخَيْرٍ" (٢).

[مزلة قدم]

إن لم يجعل سترة جاز.

فقد صلى النبي، - صلى الله عليه وسلم - (٣)، رواه النسائي وأبو داود، ومثله حديث ابن عباس "زَارَنَا الْنَّبِيُّ، - صلي الله عليه وسلم -، فصلى دونها" رواه النسائي وقال (في بَادِيَةٍ لَنَا وَكَانَتْ لَنَا كَلْبَةٌ وَحِمَارَةٌ فَصَلَّي إِلَى غَيْرِ سِتْرَةٍ وَهُمَا يَدْنوَانِ مِنْهُ لَا يَتَأخَّرَانِ وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا) (٤).

---

(١) مسلم كتاب الصلاة باب منع المار بين يدي المصلي ١/ ٣٦٣، وابن ماجه١/ ٣٠٧، وأحمد. انظر الفتح الرباني ٣/ ١٣٢ - ١٣٣.
(٢) مسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينًا ٤/ ٢١٦٧ - ٢١٦٨ عن ابن مسعود.
وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير٥/ ١٨٨، وعزاه لأحمد ومسلم.
(٣) أبو داود ٤/ ٥١٨ من طريق ابن عيينة حدثني كثير بن أبي كثير بن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جده أنه رأى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة .. والنسائي٢/ ٦٧ من طريق ابن جريج عن كثير وكذلك ابن ماجه ٢/ ٩٨٦، وأحمد. انظر الفتح الرباني ٣/ ١٤٥، وابن خزيمة ٢/ ١٥.
أقول: الحديث فيه كثير بن أبي كثير يروي عن بعض أهله عن جده وبعض أهله، هذا ليس معروفًا، هذا في رواية أبي داود، أما رواية غيره ففيها ابن جريج وقد رواها بالعنعنة وهو مدلس وقد تقدمت ترجمته.
قال الشوكاني في النيل ٣/ ٦ فيه مجهول والمطّلب وأبوه لهما صحبة، وهما من مسلمة الفتح، وكذا قال الشيخ البنا في الفتح الرباني، وعلى هذا فالحديث ضعيف.
(٤) رواه الطيالسي انظر منحة المعبود ١/ ٨٨، وأبو داود ١/ ٤٥٩، والنسائي٢/ ٦٥، وأحمد. انظر الفتح الرباني ٣/ ١٤١، وعبد الرزاق في المصنف ٢/ ٢٨ والدارقطني ١/ ٣٦٩، كلهم من رواية الفضل بن عباس. أقول: الحديث فيه عباس بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، لم يوثقه غير ابن حبان. قال الحافظ في ت ت ٥/ ١٢٣ ذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود والنسائي حديثًا واحدًا في الصلاة، =