للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما جمع المطر فلا يكون في الظهر والعصر بحال ولكن من شاء مشى إلى المسجد ومن شاء صلى في بيته، وفي مثل هذه الحال "أَمَرَ النَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، الْمُنَادِي أَنْ يُنَادِي إِذَا بَلَغَ حَيَّ على الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ" (١).

وأما جمع المغرب والعشاء في المطر والطين فاختلفت الرواية فيها عن علمائنا، فروي عن مالك، رضي الله عنه، أنها لا تجوز إلا في البلاد المطيرة الباردة كأرض الأندلس، وعجبًا لهذه الرواية يأثرونها عن مالك (٢)، رضي الله عنه، وهو يرى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يجمع بالمدينة وهي حجازية لا ثلج بها ولا برد، وأعجب منها أنه روي عن مالك، رضي الله عنه، أن يجمع بين المغرب والعشاء في المطر والطين في أول الوقت.

وروى ابن القاسم عن مالك، رضي الله عنه، أنه يؤخر المغرب حتى يكون الظلام فيصلي حينئذ جمعًا وينصرف وعلى الناس إسفار (٣)، والرواية الأُولى أصح لأنه إذا أخَّر المغرب عن أول وقتها، وقلنا إن لها وقتًا واحدًا يكون قد أخرج الصلاتين معًا عن وقتيهما، وسنة الجمع أن يخرج الواحدة عن وقتها ولا يطمئن إلى الجمع ولا يفعله إلا جماعة مطمئنة النفوس بالسنَّة كما أنه لا يكع (٤) عنه إلا أهل الجفاء والبداوة.

[قصر الصلاة]

هذا باب عظيم أحاديثه كثيرة ومسائله متشعبة قد جمع العلماء فيها (٥) أوراقًا فيها للطالب ظل وارف (٦)، وكل أحد من علمائنا بها عارف، إلا أنّا نشير إلى شذور نجمل لكم بها ذلك المسطور فنقول: أصل الأحاديث حديثان:


= يرى بأسًا بالجمع بين الصلاتين إذا كان حاجة أو شيء ما لم يتخذه عادة ... وقال مالك وأحمد وإسحاق: يجوز بعذر المرض. شرح السنة ٤/ ١٩٩.
(١) مقفق عليه أخرجه البخاري في باب الأذان باب الأذان للمسافر ١/ ١٠٧، وفي باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله ١/ ١١٢، ومسلم في صلاة المسافرين باب الصلاة في الرحال ١/ ٤٨٤، والنسائي ٢/ ١٤ - ١٥، وابن ماجه ٢/ ٣٠١، والموطأ ١/ ٧٣، من حديث ابن عمر.
(٢) لم أطلع على هذا القول في الموطّأ ولا المدونة. انظر المدونة ١/ ١١٥.
(٣) المدونة ١/ ١١٥.
(٤) كع يكع ويكع بالضم قليل كعوعًا جبن وضعف. ترتيب القاموس ٤/ ٦٠.
(٥) في (م) و (ك) فيه.
(٦) ورف الظل يرف ورفًا ووريفًا ووروفًا اتسع وطال وامتد. ترتيب القاموس ٤/ ٥٩٩.

<<  <   >  >>